الكاتبة القطرية هدى النعيمي .. الفاصل بين الرواية والسيرة الذاتية مجرد قناع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكاتبة القطرية هدى النعيمي .. الفاصل بين الرواية والسيرة الذاتية مجرد قناع

    الكاتبة القطرية هدى النعيمي لـ"العرب": الفاصل بين الرواية والسيرة الذاتية مجرد قناع


    علينا أن لا نسقط مرة أخرى في مصطلح الكتابة النسوية.
    الجمعة 2023/11/10

    الفن الجيد فقط يُكتب له البقاء

    عند الحديث عن المشهد الثقافي القطري على امتداد التاريخ نجد أن للمرأة القطرية حضورها المتميز اللافت للنظر، حضورا يستحق التأمل والمناقشة والاهتمام، فثمة شاعرات وروائيات وباحثات وناقدات أغنين الحركة الثقافية القطرية ومنهن الأكاديمية هدى النعيمي التي كان لـ“العرب” معها هذا الحوار حول تجربتها وقضايا أخرى.

    هدى النعيمي كاتبة وناقدة ومتخصصة في علوم الفيزياء وعاشقة للأدب، والكتابة، يتميز عملها بالجدية والذكاء، فهي تغوص في تشريح الإبداع من دون أن تفقد الرؤية الواضحة والمتوازنة أو الثقة بخطواتها كروائية.

    لاقى كتابها “حين يبوح النخيل” ردود فعل إعلامية كبيرة وعن ذلك تقول لـ”العرب”، “لا أسرار في هذا الأمر، الكتاب يحكي الأنا صوتي الخاص، وأحداثه هي ما شهدته في العقود السابقة، فهذا الكتاب سيرتي الذاتية، وأسميته سيرة ذاتية رغم النفس الروائي في الكتابة، ولا يخفاك أن هناك شعرة دقيقة تفصل ما بين الرواية والسيرة الذاتية، وقد كان ممكنا التخفي وراء شخصية روائية أختلقها ثم أقول ما أقول على لسانها، وهذه الخدعة الروائية ترد في روايات كثيرة جدا”.

    وتضيف “لا شك أن هذه الخدعة مشروعة في الكتابة فهي تترك للقارئ مجال التفسير وتسافر به بين الحقيقة والخيال وبين أنا الكاتب وأنا الشخصية، لتزيد أسئلته حول الرواية والراوي، ولكنني في هذا الكتاب فضلت أن أكون الراوي الصريح والشفاف واخترت البوح عنوانا للكتاب، وقد يكون البوح عنوانا جذابا للقارئ لما نتمتع به جميعا من فضول إنساني للمعرفة، وأظن أن هذا الفضول الإنساني المشروع هو ما يجعل كتب السيرة تشهد انتشارا واسعا خاصة في الغرب، وربما هذا ما دار حول كتابي ولا أسميه ضجة إعلامية ولكن أعتبره قبولا واستحسانا ممن قرأ الكتاب حتى الآن”.
    تجربة الكتابة



    "حين يبوح النخيل" سيرة ذاتية تجمع بين السرد والوصف والحوار ضمن تقنيات السرد الأدبي


    طريقة تناول كتاب “حين يبوح النخيل” والجمع بين السرد والوصف والحوار كان ضمن تقنيات السرد الأدبي، عنه تقول النعيمي “لا شك أن للتراكم المعرفي أثرا واضحا في الأدبية بشكل عام، وهذا ما ندعوه آلية دوما، وهذا هو المطلوب من الكاتب سواء كاتب للقصة أو الرواية أو الشعر. التراكم المعرفي والثقافي والاستزادة من القراءات الأدبية بأشكالها ومتابعة الكتابات الأخرى عربية أو مترجمة وحتى الاختلاط والتمازج مع المجتمع الأدبي محليا وإقليما وعالميا كل هذا يزيد من ثراء المخزون المعرفي والثقافي ويثري الساحة الأدبية التي يتحرك فيها الكاتب، وبالتالي فإن قدرته على التعبير وعلى السرد أو الحكي تزداد حتى إن المفردات التي هي وحدات الكتابة تتكاثر في رأس الكاتب لتعطي مساحة أوسع للوصف والحوار”.

    وتضيف “لكن تبقى الحبكة هي محور العمل الأدبي رواية أو قصة، الحبكة التي يتوازن حولها الجزء الحواري مع الأجزاء الوصفية والسرد القصصي وامتلاك الكاتب لهذه الأدوات وإمساكه بأسرار تقنيات الكتابة الأدبية، أو سمها الكتابة الفنية، والتوازن بينها سيمنحه بلا شك قدرة خاصة على الوصول إلى روح القارئ وعقله وأيضا محاكاة قلبه في بعض الأحيان”.

    وعن التصورات والحياة الأدبية والثقافية في قطر، خاصة وأنها قد منحت الثقافة والأدب كل الدعم، تقول النعيمي “نعم صحيح قامت الدولة هنا بالكثير من أجل إعلاء الدور الثقافي ليس فقط للقطريين ولكن لكل من ينطق بالعربية أو غير العربية، ولا بد هنا من ذكر دور مؤسسة كتارا المتميز في العالم العربي الذي سمع عن جائزة كتارا للرواية العربية، وفي الحقيقة فإن جوائز كتارا تمنح في أكثر من فن، فهناك جوائز للشعر وأهمها جائزة مدح الرسول، وهي الجائزة الأعلى قيمة مالية، وهناك جائزة أدب الطفل وجوائز للفنون، وكتارا لها دور نشط في الطباعة والنشر ولها الدور الأكبر في استضافة الفعاليات الأدبية والثقافية وإعطاء الفرصة الذهبية لكل من يقيم على أرض قطر للقاء شخصيات ثقافية وأدبية ربما من الصعب أن تلتقيها في مكان آخر”.

    وتتابع “ليس هذا كل شيء، فقطر فتحت المجال في السنوات الأخيرة لعدد من دور النشر القطرية أن تمارس دورها في الطباعة والنشر والتوزيع، وكان هذا عاملا كبيرا في زيادة عدد الكتاب المحليين على الساحة الأدبية، وهذا أمر إيجابي، وفي النهاية فقط الكتابة الجيدة سوف تثبت نفسها وتبقى وأما الكتابات السطحية أو الضعيفة فسوف تذوب ولن تبقي أثرا. خلاصة القول إن الصورة للحياة الثقافية في قطر سواء في مجال الإبداع الأدبي أو الإبداع الفني صورة مستقبلية مضيئة وتبشر بالخير القادم، واهتمام الجيل الجديد بالفنون بشكل عام تحت رعاية المؤسسات الثقافية في قطر – كتارا مثالا – اهتمام مبشر بأجيال محبة للثقافة والفنون بشكل عام”.


    تكريم مستحق


    عن مرور القصة بعدة مراحل من القصة الطويلة إلى القصيرة ثم الأقصوصة، وأخيرا الومضة القصصية، وكيف ترى هذا الأمر، تقول الكاتبة “إنه النص الأدبي يتشكل في قوالب عدة، بعض هذه القوالب قادر على البقاء والثبات والبعض منها يخرج في شكل فقاعة زمنية لا تلبث أن تتلاشى ولا تعود إلى الحياة، لا أقصد بذلك أن أعيب هذا القالب أو ذاك، لكن للقصة القصيرة كما درسناها وتعلمناها من الأساتذة الكبار لحظة منفردة لحظة تحمل الأماني وتترك أثرا في نفس القارئ، لا تعريف ثابتا للأقصوصة ولا تعريف للقصة الطويلة وليس هناك ما يحكم القصة القصيرة من حيث عدد الصفحات أو عدد الكلمات، لكنه مصطلح خرج لنا قبل أكثر من عشرة أعوام أو يزيد، وهو القصة القصيرة جدا، وخرجت مجموعات قصصية تحت هذا المسمى ربما هي التي تسميها الومضة القصصية وهو قالب آخر لفن القصة”.

    وترى النعيمي أن القصة القصيرة جدا قد يكون لها من القراء من يعشقها، وقد يكون لها من الكتاب من يفتتن بها، لكنها شخصيا لا تحبذ قراءة مجموعة قصصية من مثل هذا النوع من القوالب القصصية، رغم أنها ربما تقرأ شيئا منها على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو منصة إكس، “وهذه منصات تسمح بتمرير الأقاصيص القصيرة جدا والبعض منها نجح في التعبير عن الفكرة المكثفة لتصير القصة القصيرة جدا أشبه بالحكمة، والبعض منها فقد القدرة على التعبير مع محاولة ضغط المفردات في سطر أو سطرين، وكما قلنا سابقا الفن الجيد فقط يُكتب له البقاء”.

    حول علاقة النقد والقصة والمسرح والعمل الأكاديمي وتخصصها في الفيزياء النووية وكيف توزّع وقتها بين هذه العوالم، تقول الكاتبة “كل ما ذكرته في هذا السؤال يشكل جزءا مني، فأنا هي التي تكتب القصة والمقالة وتكتب الرؤى النقدية وأنا أيضا من كتبت للطفل وكتبت للمسرح سواء نشرت تلك المسرحيات أم لم أنشرها، أنا من تقرأ الشعر العربي وتعشقه ومن تقرأ الرواية العربية بشغف، وأنا من تقرأ المراجع العلمية في الفيزياء النووية والفيزياء الطبية، وأنا من أنشر أبحاثا علمية في المجلات العلمية العالمية المحكمة، وأنا أيضا من طاف العالم ليقدم بحثا هنا وبحثا هناك في مؤتمرات عالمية حول الفيزياء وعلم الإشعاع والاستخدام الطبي لهذه الظاهرة الطبيعية التي طوعها العلم لتكون في خدمة البشرية في مجال كمجال الطب. كما طوعها بشكل آخر لتكون قوة مدمرة كما حدث في الحرب العالمية الثانية حين استخدم السلاح النووي لإنهاء الصراع الدولي وهزيمة اليابان”.

    القارئ صديق الكاتبة وترى أنه سيتقبل ما تكتب لكنه لا يشغلها خلال الكتابة بالقلق أو الخوف من رفض الكتاب

    وتتابع “نعم أنا هي تلك الأجزاء المتصالحة والمتجانسة بداخلي، فأنا من تقوم بالدور الأكاديمي أحيانا وأحيانا استشارية داخل المؤسسة الطبية وأنا من خرج لي من نفس دار النشر دار جامعة حمد بن خليفة – عام 2022 كتابان: الأول ضمن عدد من الزملاء، مرجع علمي أكاديمي باللغة الإنجليزية حول جودة الأجهزة الطبية الإشعاعية والاستخدام السليم في المؤسسات الطبية، وكتاب آخر هو ما بدأنا الحديث حوله ‘حين يبوح النخيل’، وهذا الذي أقوم به بفخر وباعتزاز أنني تلك الأجزاء المتصالحة، تتجمع في تكوين بشري واحد يحمل اسمي”.

    وتتابع “قد يراها البعض معادلة صعبة ولا أراها كذلك، ما دمت تشعر بالانتماء إلى هذا وذاك سوف تعرف كيف تكون هنا وهناك، ألا نجد مهندسا أو طبيبا يعشق الرياضة ويصرف من وقته الكثير وبشكل منتظم لممارسة الرياضة، لتجده في النهاية رياضيا أشبه بالمحترف لأنه عرف كيف يكون هنا وهناك، وكذا التخصص العلمي الذي اخترته في بداية حياتي العلمية ولم أندم على الاختيار ثم عرفت كيف أجد الوقت الذي أكون فيه قارئة للأدب العربي ثم كاتبة في مرحلة أخرى، نعم أثّر التخصص العلمي والالتزام العملي على تواجدي على الساحة الأدبية، وربما كنت أكثر إنتاجا أدبيا لولا أن عملي في المؤسسة الطبية يأخذ من وقتي الكثير جدا. نعم تأثرت وتأخرت في كتابة الرواية التي تراودني وسوف تكون لي قريبا إنشاء الله. نعم كل هذا صحيح ولكنني لا أندم على مساري العلمي الذي حققت فيه الكثير من الإنجازات أيضا وحصلت على جوائز وتقديرات دولية وحققت نفسي في مجال الفيزياء الطبية ولم أنس الكتابة ولم تنسني. ولا أزال على قيدها حية أرزق”.
    الكاتبة والقارئ



    حضور لافت للأنظار


    عن الحضور الأدبي النسائي في المشهد القصصي والثقافي العربي؟ ورأيها فيما يتم الحديث عنه وعن ضرورة خلق جوائز أدبية إبداعية تخص نون النسوة. تقول النعيمي “الحضور النسائي في الساحة الأدبية العربية قوي في حقيقة الأمر وما عادت النساء تشكو شكواها القديمة من التهميش أو النظرة الفوقية من الرجل لكتاباتها، بل إن الاحتفاء دائما بالمرأة أراه في المشهد الثقافي العربي بشكل عام، المرأة الكاتبة اليوم مشاركة شرسة في الساحة الثقافية العربية الرواية أو القصة أو المسرح أو الفنون التشكيلة أو الموسيقي وغيرها”.

    وتتابع “هي تتواجد بثبات في كل مكان في الساحة العامة في الكتابة الإبداعية وفي التحكيم في الجوائز الأدبية. اليوم هناك اعتراف كامل وتقدير لدور المرأة العربية المبدعة، لا خلاف على ذلك. أما الحديث عن جوائز لنون النسوة فلم أسمع عنه، ولكنني لا أنظر إلى هذا الأمر بشكل إيجابي. أظن أن المنافسة الأدبية لا يجب أن تفرق بين رجل وامرأة، وأعتقد أنه لا يجب أن ننجرف في هذا التيار ولا نسقط مرة أخرى في مصطلح الكتابة النسوية ثم نعود لنميز بين هذا وذلك ونكرس جائزة للمبدعات من النساء لتقابلها جوائز للمبدعين من الرجال، ففي الرياضات الجسدية التي بالفعل يتفوق فيها الرجل بحكم بنيانه الجسدي يتم تخصيص مسابقات خاصة بالنساء وأخرى للرجال وهذا مبرر جدا، ولكن في الإبداع لا أظن أن جوائز تخص النساء أمرا مبررا”.

    النص الأدبي يتشكل في قوالب عدة بعضها قادر على البقاء والثبات والبعض منها يخرج في شكل فقاعة زمنية

    وعن مدى ما يشغله القارئ في كتاباتها، تقول “القارئ صديقي الصدوق، سوف يتقبل ما أكتب عندما أخرج بكتابي له، هو لا يشغلني خلال الكتابة بالقلق أو الخوف من رفض الكتاب إلا أنني أفكر في كيفية التلقي لقارئ يجلس هناك في مكان ما وفي يده كتابي، أود له أن يكون سعيدا متشوقا لإكمال الكتاب ينتقل من صفحة إلى أخرى. هذا القارئ/ صديقي أعمل من أجله، لكن عندما أكتب لا يملي علي القارئ تلك السطور لكنني أراه ينتظر ما أكتب فأستمر”.

    وتختم النعيمي حديثها في أدب الإنترنت المنتشر حاليا على السوشيال ميديا، تقول “باختصار شديد، أنا لا أحبذ هذا النوع من الأدب إذا صحت تسميته أدبا، ولا نستطيع الجزم بنسب ما يقال أو يكتب على الشبكة ولا الجزم بنسبته إلى كاتبه، هذا في حال كنا نعرف من الكاتب وليس كيانا مختفيا تحت اسم مستعار أو ربما هو حساب وهمي كما يحدث كثيرا”.

    وتضيف “النشر على الشبكة العنكبوتية بشكل عام أمر محمود بالطبع، فالكتاب اليوم لم يعد هو الغلاف والصفحات كما تعودنا عليهما، فالكتاب الإكتروني صار متاحا للقراءة بغزارة، فهل تسمي الكتاب الإلكتروني أدب الإنترنت؟ أو أن المقصود هو الأقاصيص القصيرة جدا التي تخرج كتغريدات؟ أعتقد أن تسمية أدب الإنترنت تسمية ضبابية لا تحمل تعريفا واضحا وبالتالي من الصعب أن أكون معها، دون أن ننسى أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين في الحياة الاجتماعية والسياسية وأيضا الأدبية. علينا أن ننتبه لها جيدا”.


    عمر شريقي
يعمل...
X