قانون نابليون Code Napoléon، هو مجموعة القواعد التشريعية التي صدرت في فرنسا عام 1804م

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قانون نابليون Code Napoléon، هو مجموعة القواعد التشريعية التي صدرت في فرنسا عام 1804م

    قانون نابليون

    قانون نابليون أو تقنين نابليون Code Napoléon، هو مجموعة القواعد التشريعية التي صدرت في فرنسا عام 1804م، وجاءت في نصوص صيغت على شكل مواد متتابعة ومتسلسلة، لتحكم أساساً في العلاقات المدنية على أرض تلك الدولة، والتي تدخل فيما يسمى الأحوال العينية statut réel، والعلاقات الشخصية من زواج وطلاق وثبوت نسب وميراث ونحوها، والتي يطلق عليها الأحوال الشخصية[ر] statut personnel.
    وقد بدأ قانون نابليون في النفاذ في مستهل العام التالي لصدوره، أي في أول كانون الثاني 1805م. ولم يكن له عند صدوره هذا الاسم. فقد حمل اسم القانون المدني للفرنسيين code civil des français وفي أيلول عام 1807، أطلق عليه اسم «قانون نابليون»، تمجيداً وتعظيماً للرجل الذي كان له فضل العمل على إصداره.
    كان لصدور قانون نابليون هزة عنيفة في الأوساط القانونية في أوربا كلها، لأنه على عظمته وجليل شأنه، أول حدث من نوعه فيها، بل هو أول حدث من نوعه في العالم كله في التاريخ الحديث، بل إنه لم يسبقه في تاريخ الدنيا قاطبة إلا بعض محاولات قليلة متباعدة محدودة وضيقة النطاق، كقانون حمورابي الذي يعد أول تقنين عرفه البشر، والذي صدر في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وكالفتاوى الهندية التي تعد أول تقنين رسمي للفقه الإسلامي على المذهب الحنفي، أصدره في عام 1680م، الامبراطور المغولي المسلم العظيم محمد أوزبك الملقب فاتح العالم.
    وقد تأثر قانون نابليون إلى حد كبير بالقانون الروماني، من دون أن يغفل، في نواح مختلفة عديدة، التمشي مع ما كانت تقضي به الأعراف التي سادت في بلاد الشمال، ولاسيما عرف باريس.
    وقد أفاد واضعو مدونة نابليون في هذا الأمر، وذلك من كتابات شراح القانون الفرنسي القديم الذي كان سائداً من قبل، وخاصة من كتابات.Domat,Bourjon,Pothier من أجل كل ذلك وغيره، جاء قانون نابليون، بتقدير زمان صدوره، قمة في الروعة والإبداع، متوافقاً مع ظروف الحياة التي كان الفرنسيون يتعايشون معها، ومتجاوباً مع حاجاتهم، مما بشر له بالنجاح الهائل العظيم. وقد بلغ الإعجاب به عند بعض الفرنسيين حد التقديس، حتى إنهم رأوه أشبه بالكتاب المنزل، فأطلقوا عليه «إنجيل الثورة» L’Évangile de la révolution، ورأوا فيه القانون الكامل الذي أحاط بكل شيء علماً، وحوى حلولاً لكل مشكلات الناس، وبلغ الكمال في كل ما حوى.
    وكان من شأن النجاح الهائل الذي حظي به قانون نابليون، أن الفقهاء الفرنسيين ظلوا، طوال القرن التاسع عشر، يقتصرون في بيان قواعده وأحكامه، على تناوله مادة بعد مادة ويقومون بشرحها، من دون أن يجرؤوا على أن يدرسوا تلك القواعد والأحكام في إطار الأسس والنظريات العامة التي تستخلص منه، وهو النحو الذي تقوم دراسة القانون عليه في وقتنا الحاضر في فرنسا وفي غيرها من البلاد الأخرى. وقد أطلق على هذه الطريقة في شرح القانون «مدرسة تفسير النصوص» École de l’exégèse، وأطلق عليه بعض من فقهاء العرب «مدرسة الشرح على المتون»، متأثرين في ذلك بتفسير القرآن الشريف على هوامش المتون التي تتضمن آياته الكريمة.
    وإذا كان إجلال الفرنسيين لقانون نابليون قد قل اليوم كثيراً عما كانت عليه الحال في الماضي، بحكم مرور الزمان وتغير أحوال الناس وظهور القصور بالتالي في كثير من نصوصه عن أن تؤدي في ذاتها إلى الحكم الذي يتمشى مع العدالة ومقتضيات الحال، إلا أنه لازال إلى اليوم، وبعد مضي ما يقرب من القرنين من الزمان، قائماً في شموخ يؤدي دوره في تنظيم حياة الفرنسيين المدنية على أروع ما يكون الأداء.
    وقد جاءت مدونة نابليون مستهلة ذاتها بباب أولي ضمّنته نصوصاً متعلقة بنشر القوانين ونفاذها، ثم انقسمت بعد ذلك إلى كتب ثلاثة:
    يتضمن الكتاب الأول الأحكام المتعلقة بالأشخاص، ويشمل أحد عشر باباً: يتناول الباب الأول منها الأحكام المتعلقة بالتمتع بالحقوق المدنية، والثاني الأحكام المتعلقة بالحالة المدنية، ويتناول الباب الثالث أحكام الموطن، والرابع أحكام الغائبين والخامس أحكام الزواج، والسادس أحكام الطلاق، والسابع أحكام البنوة، والثامن أحكام البنوة بالتبني، والتاسع أحكام السلطة الأبوية، والعاشر أحكام القصر والولاية على المال والترشيد، والحادي عشر يتناول الأحكام المتعلقة ببلوغ الرشد وببالغيه الذين يحميهم القانون.
    أمّا الكتاب الثاني، فيتضمن الأحكام المتعلقة بالأموال والتغيرات التي ترد على حق الملكية، ويشمل أربعة أبواب: يتناول الباب الأول أنواع الأموال والثاني أحكام الملكية والثالث أحكام حق الانتفاع والاستعمال والسكنى ويتناول الباب الرابع حقوق الارتفاق أو خدمات الأراضي.
    أما الكتاب الثالث والأخير، فيتضمن الأسباب المختلفة لكسب الملكية، ويشمل هذا الكتاب اثنين وعشرين باباً: يتناول الأول أحكام الميراث والثاني أحكام الهبات والوصايا والثالث أحكام العقود أو الالتزامات التعاقدية عامة، والرابع أحكام الالتزامات التي تنشأ بغير اتفاق، إما من أشباه العقود، وإما من الجرائم[ر: جريمة] أو أشباه الجرائم، ويتناول الباب الخامس عقد الزواج والأنظمة المالية بين الزوجين، والسادس أحكام عقد البيع، والسابع المقايضة، والثامن أحكام عقد الإيجار، والثامن مكرر أحكام عقد التعلية العقارية، والتاسع أحكام الشركة، والتاسع مكرر أحكام الاتفاقات المتعلقة بمباشرة الحقوق في الشيوع والعاشر أحكام العارية، والحادي عشر أحكام الوديعة والحراسة، والثاني عشر أحكام العقود الاحتمالية بادئاً بالقمار والرهان ثم متناولاً بعد ذلك عقد الإيراد المرتب مدى الحياة وعقد التأمين، ويتناول الباب الثالث عشر أحكام الوكالة والرابع عشر أحكام الكفالة والخامس عشر أحكام المصالحات والسادس عشر التحكيم والسابع عشر الرهن الحيازي والثامن عشر حقوق الامتياز والرهون الرسمية والتاسع عشر نزع الملكية جبراً وترتيب الدائنيين، ويتضمن الباب العشرون أحكام التقادم والحيازة ويشمل قانون نابليون ألفين ومئتين وثلاثاً وثمانين مادة.
    وإلى جانب دور القضاء في تطوير نصوص قانون نابليون، لجأ المشرع الفرنسي، وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، إلى إدخال تعديلات متنوعة ومتعددة على هذا القانون، وذلك لمواجهة أوضاع المجتمع الفرنسي وظروفه المختلفة.
    عبد الفتاح عبد الباقي
يعمل...
X