المخرج سعيد بلي: مشاركتي في مهرجان طنجة خطوة لتطوير أعمالي السينمائية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المخرج سعيد بلي: مشاركتي في مهرجان طنجة خطوة لتطوير أعمالي السينمائية

    المخرج سعيد بلي: مشاركتي في مهرجان طنجة خطوة لتطوير أعمالي السينمائية


    "حراس الذاكرة" يروي حكايات من العلاقات بين اليهود والمسلمين المغاربة.
    الأربعاء 2023/11/01

    ذكريات يحكيها أبراهام الصباغ

    يهتم المخرج المغربي سعيد بلي في أحدث أفلامه بالذاكرة المغربية التي تحمل في طياتها قصصا من العلاقات التي تجمع اليهود والمسلمين، وقيم التعايش السلمي والجيرة الحسنة التي كانت تسود بينهم، إلى حين هجرة أغلبهم من وطنهم، مخلفين وراءهم ذكريات وممتلكات لا تزال شاهدة عليهم.

    طنجة (المغرب) - يخوض المخرج المغربي سعيد بلي من خلال فيلمه الوثائقي الطويل “حراس الذاكرة” المنافسة مع 15 فيلما وثائقيا طويلا تشارك في فعاليات الدورة الثالثة والعشرين من المهرجان الوطني للفيلم المنعقدة في مدينة طنجة المغربية.

    “حراس الذاكرة”، فيلم يسلط الضوء على تاريخ اليهود في مدينة فاس، عبر شهادات حية ووثائق وصور وحكايات يحكيها جيرانهم المسلمون وممتلكاتهم الشاهدة على حضورهم ضمن تاريخ المغرب.

    وفي حوار له مع “العرب” يقول المخرج سعيد بلي عن خبر مشاركة فيلمه ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان “كأي مخرج شاب وطموح تلقيت خبر اختيار فيلمي بفرح كبير خصوصا أنني أنتظر هذه اللحظة منذ سنوات عديدة لأن هذا المهرجان يعد فرصة للقاء المخرجين المغاربة وتبادل الأفكار والمشاركة في نقاشات سينمائية يمكنها أن تساهم في تطوير موقفي من الأشياء كمخرج والرقي بالمستوى الإبداعي الخاص بي في المستقبل”.

    ويتابع “فكرة الفيلم أو ما ألهمني لإنجاز العمل هو أنني عندما كنت صغيرا كنت أمر دائما بالملاح الموجود في مدينة تزنيت التي ترعرعت فيها، وحين سمعت من جدي قصصا عن اليهود في هذا الملاح بدأت أتساءل وأنا طفل عن شكلهم وخصوصا أنني أرى سوق الملاح ولم أر اليهود لأنهم رحلوا، وبقي في ذهني هذا السؤال وتساؤلات أخرى حولهم، وأحاول أن أتخيلهم من خلال أوصافهم التي حكاها لي جدي رحمه الله”.


    سعيد بلي: تهمني كثيرا القصص الإنسانية والتعايش الذي كان سائدا في المجتمع المغربي ما بين اليهود والمسلمين


    ويوضح “فيما بعد بدأت في رحلة البحث عن كل ما له علاقة بالتراث اليهودي المغربي وعن اليهود المغاربة الذين مازالوا في المغرب. هكذا أتت فكرة الاشتغال على الطائفة اليهودية بمدينة فاس من خلال ذاكرة الحاخام أبراهام الصباغ الذي يعتبر آخر حاخام بفاس والذي وافته المنية مباشرة بعد تصوير الفيلم”.

    ونوه المخرج سعيد بلي بالجوانب التي تهمه قائلا “تهمني كثيرا القصص الإنسانية ‏لهؤلاء الأشخاص والتعايش الذي كان سائدا في المجتمع المغربي ما بين اليهود والمسلمين، خصوصا أن المغرب يتميز ‏بالتعدد الثقافي والحضاري والانفتاح على الثقافات الأخرى. ‏وكذلك أردت أن أستغل الذاكرة القوية للحاخام أبراهام الصباغ واستعراض كل التفاصيل التي تحكي لنا عن الحياة التي كانوا يعيشونها بالملاح ‏وكذلك السفر عبر الزمن لاكتشاف القصص الإنسانية التي عاشوها. ‏‏ومن خلال التصوير اكتشفت أشياء جديدة كنت أجهلها عن التراث اليهودي المغربي، منها كيف تشبث ‏هؤلاء اليهود المغاربة بوطنهم المغرب واختيارهم البقاء عوض الهجرة”.

    ‏كما نوه بشهادات الاعتراف موضحا أنه “استعان بخبرة أعضاء جمعية ميمونة الذين لهم خبرة كبيرة في مجال التراث اليهودي المغربي ‏وكان لهم الفضل في التنسيق مع جميع المتدخلين والمشاركين في هذا العمل. كما أنهم سهلوا لنا مأمورية التصوير داخل ‏المعابد. وكان للحاخام أبراهام الصباغ الفضل الكبير في توفير صور كثيرة توثق لحياة اليهود المغاربة بمدينة فاس خلال سنوات الأربعينات والخمسينات إلى حدود وقتنا الحالي”.

    أما بالنسبة إلى الشهادات التي يجدها المخرج أكثر تأثيرا في حبكة الفيلم، فهي “تلك الحكايات الشخصية لمعظم المتدخلين الذين يعبرون من خلالها عن حبهم لوطنهم المغرب وعن ارتباطهم بهذا الوطن، وكذلك تلك المداخلات التي لها حمولة إنسانية كبيرة والتي تكمن في المعاملات بين المسلمين واليهود دون أي تمييز عرقي أو ديني”.

    شاركنا سعيد بلي تصوره للتعايش بين اليهود والمسلمين، فهو يظن “أن شهادات بعض المغاربة المسلمين تؤكد ‏أن المجتمع كان يعيش في سلام واطمئنان وكان هناك تبادل للزيارات خلال الأعياد الدينية من الطرفين وكان الجميع يمارس عمله بشكل عادي، بل إن المسلمين من سكان فاس شعروا بألم فراق أصدقائهم اليهود المغاربة الذين رحلوا”.


    "حراس الذاكرة" فيلم يسلط الضوء على تاريخ اليهود في مدينة فاس، عبر شهادات حية ووثائق وصور


    وفي حديثه عن التحديات التي واجهته في التصوير والمشاهد المهمة في هذا الفيلم يقول لـ”العرب”: “أثناء تصوير هذا العمل واجهتني عراقيل عديدة خصوصا تدهور الوضع الصحي للحاخام أبراهام الصباغ الذي كان عمره 85 أو 86 سنة والذي تأثر بفايروس كورونا بحيث اضطررنا إلى وقف التصوير واستئنافه بعد شفائه. أما المشاهد المميزة في الفيلم فتمثلت في الجولة التي قمنا بها رفقة الحاخام في الملاح والتي قدم من خلالها الكثير من المعلومات عن العائلات والأشخاص الذين كانوا يسكنون الملاح في الماضي”.

    تفاعل الناس مع الفيلم، هذا ما يؤكده المخرج حيث يقول “كان تفاعل سكان فاس مع هذا العمل إيجابيا؛ فهم واعون وعيا تاما بالدور الذي سيلعبه الفيلم في نشر قصص حقيقية وواقعية للعالم بأسره”.

    أما فيما يتعلق بالأهداف التي يريد بلي أن يحققها من خلال الفيلم فيشدد على أنه يسعى “لإبراز النموذج المغربي في الانفتاح والتعايش ونشر السلم والسلام واحترام الأديان وتقبل الاختلاف. ويبين الفيلم أن التعايش في المغرب ليس استثناء ولكنه قاعدة ومعيار”.

    المخرج سعيد بلي له ثلاثة أفلام قصيرة، أولها فيلم “مول البيكالة” وهو فيلم كوميدي ناطق باللغة الأمازيغية ومن بطولة الممثل محمد أوراغ بمشاركة أحمد بلي وإبراهيم المرابط وريحانة المرابط. الفيلم الثاني يحمل عنوان “حوت الواد”، بطولة محمد عاقيل، أما الفيلم الثالث “أنغام مهجورة” فهو من بطولة أسامة بسطاوي بمشاركة محمد الصغير ونرجس عامري. وله كذلك أعمال وثائقية تلفزيونية مثل البرنامج الوثائقي “عايش جوال” وبرامج أخرى حوارية منها المسجلة والمباشرة.

    كما له أعمال أخرى مع منظمات دولية اشتغلت معه في إنجاز أفلام حول مواضيع البيئة والأعشاب الطبية ومحميات شجرة الأركان والتغيرات المناخية. وبالإضافة إلى السينما والتلفزيون هو نشيط في العمل الجمعوي والمدني من خلال جمعية تهتم بالتراث في مدينة الرباط، وهي جمعية ملتقى الرباط لإحياء الموروث الثقافي والفني التي تعمل على تثمين التراث المادي واللامادي للمغرب.

    وفي ختام حواره مع “العرب” أشار سعيد بلي إلى أنه يرغب “في الاشتغال على المزيد من القصص الإنسانية في مجال التراث اليهودي المغربي، وذلك لتوثيق ما تبقى وتركه للأجيال القادمة، وأريد أن أشتغل على هذا الموضوع في مدن مختلفة حيث توجد آخر الطوائف اليهودية المغربية، كما أطمح للاشتغال على أفلام روائية درامية حول التعايش السلمي بين اليهود المغاربة”.


    عبدالرحيم الشافعي
يعمل...
X