العلاقة الإيجابية بين الطفل ووالديه تنمي لديه الاستقلالية وصناعة القرار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العلاقة الإيجابية بين الطفل ووالديه تنمي لديه الاستقلالية وصناعة القرار

    العلاقة الإيجابية بين الطفل ووالديه تنمي لديه الاستقلالية وصناعة القرار


    منح الأطفال فرصة اتخاذ القرارات البسيطة يعزز تقديرهم لذواتهم.


    تواصل الآباء مع الأبناء يوطد العلاقة بينهم

    يرى خبراء التربية أن مهارات صنع القرار لدى الطفل أساسها طبيعة العلاقة التي تربطه بوالديه، فإذا كانت العلاقة إيجابية نما لديه الشعور بالاستقلالية وتطورت مهارات صنع القرار. وينصح الخبراء الوالدين بالتواصل مع أبنائهم وبالدخول في حياتهم بكل ثقلهم وإسناد المهام إليهم حتى يتعلموا المسؤولية.

    يؤكد خبراء التربية أن طبيعة العلاقة بين الوالدين والأبناء تضع الأساس لعلاقات الطفل مستقبلاً، حيث أن العلاقة الايجابية بين الطفل ووالديه تؤسس وتنمي الاستقلالية ومهارات صناعة القرار والفضول وتقدير الذات لدى الأبناء الذين سيصبحون كبارا لاحقاً.

    وتُعد العلاقة بين الأبناء وآبائهم من أهم العلاقات البشريّة وأكثرها تأثيراً على شخصيّة الأبناء، خصوصاً في مرحلة الطفولة، حيث تتغيّر هذه العلاقة في مرحلة المراهقة. ويسعى المراهقون غالباً للاستقلال عن العائلة واتخاذ القرارت الخاصّة دون اللجوء إلى أحد، ممّا يزيد من المخاطر التي يُمكن التعرُّض لها. ويعود الحفاظ على علاقة جيّدة بين الأب والابن بالنفع على كليهما، فهي تُخفّف من ضغوطات الأب العاطفيّة والجسديّة، وتزيد من احترام الابن لذاته، وتُشعره بالسعادة والرضا عن حياته، كما تُقلّل من نسبة السلوكيّات الخاطئة المُحتملة للأبناء وتُحافظ على أخلاقهم.

    وينصح الخبراء الوالدين بتنمية هذه العلاقة، وذلك بالتواصل معهم وبالدخول في حياتهم وبناء اتصالات وتواصلات قوية، مع المحافظة على عامل التأقلم مع الوقت وتقدم الأبناء في العمر ما يجعل شكل العلاقة يختلف وكذلك طرق التعاطي معها.


    عبدالمنان ملا معمور: عملية تعلم المسؤولية لدى الطفل تبدأ مع مولده ثم تكبر


    وقال الدكتور عبدالمنان ملا معمور بار أستاذ الإرشاد النفسي بجامعة أم القرى إن عملية تعلم المسؤولية تبدأ مع مولد الطفل، ولا يستطيع الطفل تنمية الشعور بالمسؤولية من ذات نفسه، وهي لا تأتي بطريق المفاجأة أو المصادفة، أو كما يقول البعض يتعلم المسؤولية عندما يكبر، ولكن يتعلم شيئا من تحمل المسؤولية من العملية التي يلقاها من والديه والمعاملة التي يجدها ممن يحيطون به، ومن المهام التي تسند إليه.

    وأضاف أنّ البيئة التي تفتقد إلى الحرمان العاطفي والحنان تؤدي إلى بناء سلوكيات مضطربة في شخصيات الأطفال، وأن البيئة التي يسودها جو من الحنان والعطف تساعد على نمو الشعور بالمسؤولية، فينمو الطفل على روح التعاون والمحبة، وعلى إقامة علاقات إيجابية أساسها التفاهم والتوافق الإيجابي وهما السبيل إلى تعلم المسؤولية.
    وأكد ملا معمور أنّ ابتسامة الوالدين عندما يتمكن الطفل من ارتداء ملابسه بنفسه بسهولة، أو أدائه مهام وواجبات المنزل والسلوك السوي يمكن أن تكون أول درس في تحمل المسؤولية، وهذا الإحساس الإيجابي يعزز ثقته بنفسه، حيث يشعر أنّه عضو مفيد في المنزل وخارجه، وينمو عنده الاتجاه السوي نحو ذاته لأداء واجبه بنفسه.

    ويرى ملا معمور أنه على الوالدين ألّا ينتقدا أو يسخرا من النتائج الرديئة أو السلبية إذا حدثت من الابن، مؤكّداً على ضرورة إرشاده وتوجيهه بالتدريج، فالطفل يتطلع إلى علامات الرضا ويضيق من النقد.

    وأشار إلى أن التوجيهات التربوية والنفسية مهارات مهمة، إذا تتبعناها عند تنشئة أبنائنا حققنا فيهم صفة الشخصية الإيجابية التي تشعر وتتحمل المسؤولية، ويكونون مستقلين ومعتمدين على أنفسهم، مدركين وفاهمين معنى المسؤولية نحو دينهم ووطنهم ومجتمعهم.

    ويرى خبراء علم النفس أن استقلالية الأبناء بذاتهم واتخاذ قراراتهم تعدا من الأمور التي يسعى الوالدان للتأكيد عليها، إلاّ أنّ بعض الآباء يحاولون جاهدين حل مشاكل أبنائهم بأنفسهم واتخاذ القرارات عنهم وإرشادهم في كل شيء مما يخلق لديهم بعض المشاكل، ويشعرهم بعدم الاستقلالية، ويزعزع ثقتهم بأنفسهم.

    ولا يمكن أن يتعلّم الأطفال تحمل المسؤولية من دون تأهيلهم تدريجياً على استقلالية القرار، ومساعدتهم على بناء شخصيات ناجحة تعزز سلوكياتهم الإيجابية؛ فالطفل لا يولد عارفاً بكل شيء، ولهذا ينبغي أن يتعلّم المسؤولية وأن يعي أهمية التعاون والاحترام مثلما يتعلم المشي والكلام.

    وينصح خبراء التربية الآباء بأن يكونوا مع أبنائهم قلباً وقالباً، فعندما يكونون معهم لا يجب ينشغلوا عنهم بأي أمر آخر، وعليهم أن ينزلوا إلى مستوى تفكيرهم وأن يخاطبوهم بحسب عقولهم وسنهم. كما على الأبوين أن يختارا موضوعاً مناسباً لعمر طفلهما وأن يتحدثا فيه معه، فمثلاً عند التواصل مع الولد أو البنت على الآباء أن ينزلوا إلى الأرض وأن يستخدموا أشياء من البيئة المحيطة لتقريب الأمور إلى عقولهم، وإذا كان الطفل كبيرا قليلاً فمن الممكن الاستعانة بألعاب الفيديو.

    الإحساس الإيجابي يعزز لدى الطفل ثقته بنفسه، حيث يشعر أنّه عضو مفيد في المنزل وخارجه، وينمو عنده الاتجاه السوي

    ويرى الخبراء أنه من المهم جداً في بناء العلاقة مع الأطفال خلق بيئة مريحة مليئة بالاهتمام والرحمة والثقة، حيث أن من أهم مراحل صنع العلاقة الوثيقة بين الأبوين وأبنائهما هي البيئة الصحية التي يحيط بها الآباء والأمهات أطفالهم، فإن كانت العلاقة صحية بين الأم والأب فسينعكس ذلك على الجو العام للمنزل مما سينعكس على الأطفال في المقام الأول.

    وتتطلب تربية الأطفال وصنع علاقة وثيقة معهم الكثير من الجهد والتحلي بروح المثابرة، حيث أن هذا النوع من العلاقات يصنع على المدى الطويل، لذلك يحتاج الكثير من الروية والهدوء في التعامل والتعاطي مع الأبناء.

    وتوجد استراتيجيات ينبغي أن توضع في الاعتبار عند مساعدة الأطفال على تعلم مهارة اتخاذ القرار منها القدرة والممارسة والحرية حيث يتعلم الأطفال أنّ لديهم القدرة على اتخاذ
    القرار، وتجعلهم يشعرون بأهميتهم، ومع ممارستهم لاتخاذ القرار يكتشفون متعة اتخاذ الخيارات الحكيمة، والمشكلات والمتاعب التي تنجم عن اتخاذ الخيارات غير الحكيمة، وأنّ الحرية تأتي معها مسؤولية اتخاذ الخيارات الحكيمة.

    وعلى الوالدين دور الإرشاد ببعض الطرق والأساليب التربوية والنفسية الفاعلة التي تساعد أطفالهم على اتخاذ القرار السليم.

    وأهم ذلك اتخاذ قرارات بعيدة المدى عند تعليم أطفالهم، واحترام الخيارات والقرارات الأولى للطفل، مع ضرورة منح الأطفال فرصة لاتخاذ القرارات البسيطة يومياً، وإيضاح السبب وراء القواعد التي تستند إلى القرار الحكيم وغير الحكيم، ومساعدة الأطفال على تقييم سلوكهم الخاص، وتشجيع الطفل بقول “اتخذ قرارك بنفسك” عندما تكون نتائج أي من الخيارات المقدمة يصلح التعايش معها.

    كما من المهم ابتكار الفرص التي تجعل الأطفال يشتركون في قرارات تخص حياتهم، ومساعدتهم على التوقف قبل اتخاذ القرار وتقدير السلبيات والإيجابيات أولاً. ومن المهم أيضا احترام أسئلة الأطفال وتخصيص وقت للإجابة عليها، إلى جانب تعليق الآباء على ما يراه الأطفال في التلفزيون والصحف من مشاهد سلوكية تتصل بالقيم، ومساعدة الأطفال على أن يعلموا أنّ الأخطاء شيء طبيعي، وأنّها مفاتيح ذات قيمة للتعلم.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    راضية القيزاني
    صحافية تونسية
يعمل...
X