حوار شيّق لإدغار مازجي..بين التجريدي والتشكيلي في«غاليري آرت أون 56» في بيروت.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حوار شيّق لإدغار مازجي..بين التجريدي والتشكيلي في«غاليري آرت أون 56» في بيروت.




    مازجي أمام إحدى لوحاته بتدرّجات الأبيض والأسود (غاليري آرت أون 56
    «مساحات وسطية» لإدغار مازجي: حوار شيّق بين التجريدي والتشكيلي
    30 لوحة تنبض بغير المتوقع
    بيروت: فيفيان حداد
    أمام منتصف الطريق، أياً كان نوعه أو اتجاهها، سندرك حتماً بأنّ المجهول يتربّص بالخطوة المقبلة. لا نعرف ما ينتظرنا إن تقدّمنا أو تراجعنا. في «مساحات وسطية» لإدغار مازجي، يغمرنا هذا الشعور. لوحاته الثلاثون تفاجئك بموضوعاتها وكادراتها وشخصياتها من حيث لا تتوقّع، وهي معروضة في «غاليري آرت أون 56»، لتأخذك ألوانها إلى عالم هادئ، بسيط وعميق في آن معاً. يريدها الفنان اللبناني شبيهة إلى حد كبير بأحلام اليقظة، تاركاً لريشته حريّة التنقل من دون دوزنة خياراتها، فتدلّه من تلقائها على خطواتها. توحي اللوحات بأنها من عائلة واحدة رغم اختلافها.


    تؤلّف لوحات «مساحات وسطية» عائلة متناسقة (غاليري آرت أون 56)


    يدمج مازجي بين فنّين رئيسيين وشهيرين في عالم الرسم التجريدي والتشكيلي، ويحقن اللوحات بلمسات مبهمة حيناً وواضحة حيناً آخر، ما يحرّك الصور الخيالية. الارتجال والعفوية يتسيّدان عمل الفنان، فتتحقق المفاجأة بينما يتأرجح ما بين الواضح وغير المتوقَّع، مُحدِثاً انقلاباً فنياً قلّما نشهده في معارض مماثلة.

    يقول لـ«الشرق الأوسط»: «استوحيتُ في الماضي كثيراً من الفن التجريدي، واطّلعتُ أيضاً على مدارس الفن التشكيلي. بحثتُ عما يمكن أن يدمج بين المدرستين، وبدأتُ لوحاتي ببصمات محض تجريدية من دون الارتكاز على أي فكرة مسبقة. الفن التجريدي يزوّد الفنان بمساحة هائلة من الحرّية، فترقص فرشاة الرسم بعفوية. وسط تراكم هذه البصمات، يطلّ الجانب التشكيلي ويتحقّق اللقاء. هذا يمارس عليَّ نوعاً من الضغط الفني، فأتخيلهما يتشاجران. تولد اللوحة المحبوكة بخيوط الفنَيْن لتفاجئني تماماً، وهو الشعور عينه الذي يغمر الناظر إليها».

    يسير مازجي على مساحات بيضاء يجهل إلى أين ستودي به (غاليري آرت أون 56)
    نرى شخصيات مازجي بملامح واضحة تارة وبخطوط مخبأة تارة أخرى. نساء أنيقات، وشباب، وصبايا مبتهجات... مجموعات منهمكة بالحياة ومستوحاة من الطبيعة، تشكل موضوعات لوحاته التي يعبق بعضها بالعاطفة والدفء الإنساني.
    وتختلط الأعمال بين التجريدي والتعبيري، فتمدّك بالحركة والديناميكية. لعلّ الألوان التي تتراوح ما بين الأسود والأبيض والرمادي، تزيدها سحراً. يقول: «هذا السحر الذي تتحدّثين عنه هو خلاصة الدمج بين المدرستين. بين الألغاز ولمسة الغموض، تولد هذه الحركة، لا سيما أنّ أفكاري تلقائية ولم أستعدّ لها».
    أما لماذا يركن إلى هذه الألوان الهادئة الموشَّحة بالأصفر الباهت مراراً؟ فيوضح: «يتمتّع الأسود والأبيض بحسّ درامي يفوق سواهما، ويختلف انعكاسه على اللوحة، لا سيما أنّ الخطأ ممنوع حين يتعلق الأمر بهما. فهما، عكس الألوان الأخرى، يفضحان الخطأ إن ارتكبه الرسام. أما الألوان المزركشة، فيمكنها أن تُشغل نظر مشاهدها لتتوارى أي شوائب تسودها».

    زوار معرض «مساحات وسطية» يتأملون اللوحات (غاليري آرت أون 56)
    يسير مازجي على مساحات بيضاء يجهل إلى أين ستودي به، كما يشرح لـ«الشرق الأوسط». صحيح أنه يُعنون لوحاته عند انتهائه من رسمها، لكن أسماءها تنبع من رحم شخصياتها. يتابع: «شخصيات لوحاتي تظهر وتختفي أثناء رسمي لها، فتتغيّر قصصها بشكل عفوي. عند إسدالي الستارة على كل لوحة، يتجلّى عنوانها تلقائياً. أحاول ألا يكون مفهوماً بشكل واضح. فعندما تتّضح المعاني والصور نفقد متعة التفكير».
    تحمل لوحات مازجي أسماء تدعوك إلى الربط بين ما تراه وتشعر به؛ من بينها: «ليس من دون المصارعة» و«آكل النجوم» و«حوار الطرشان»... ما ينقلك إلى عالم غير واقعي. يتابع: «هي عناوين توحي بأفكار كثيرة، فيرى زائر المعرض الشخصيات بمواقف محيّرة تضعه في حالة ذوبان معها حدّ بلوغ حلم اليقظة. لا أحاول تحميل لوحاتي رسائل أو قصصاً، ولا حتى موضوعات سياسية واجتماعية وبيئية. القاسم المشترك بينها هو هذه الريشة الديناميكية التي تسهم في ولادتها».

    العلاقات الإنسانية تحضر ضمن لوحات مازجي وتتخذ مساحتها (غاليري آرت أون 56)
    من هنا، توحي لوحات «مساحات وسطية»، رغم اختلاف نبضها، بأنها تؤلّف عائلة متعاطفة ومتناسقة. أجواؤها مريحة وهادئة، تمارس عليك نوعاً من رياضة اليوغا، فتحيطك بالرقة.
    يختم مازجي: «قد يُخيل للناظر أنّ شخصيات اللوحة مجمّدة، كأنها خرجت للتو من ثلاجة. سرعان ما يتلاشى هذا الإحساس ليعتريه ما يناقضه ضمن حركة بارزة. تلك الشخصيات تغوص في بحر أعماقها كأنها ضائعة وشاردة في حنايا ذاتها. لذلك؛ يتساءل الزائر عما يمكن أن يدور في ذهنها، فيتعاطف معها لتولد علاقة وطيدة بينهما».
يعمل...
X