المقترحات التجريبية في الاعمال النحتية للفنان صالح القرغولي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المقترحات التجريبية في الاعمال النحتية للفنان صالح القرغولي

    المقترحات التجريبية في الاعمال النحتية للفنان صالح القرغولي

    محمد القاسم


    هيمنت في الفن العراقي حالة استعمال المواد والخامات كمتغير تقني وردة فعل عنيفة ضد الاساليب والاتجاهات التي رسمتها اطر وحدود الحداثة، ومبتغيات بناء العمل النحتي من مادة البرونز و مادة الخشب، ليتخذ الفنان صالح القرغولي من صيغة تجنيس خامات مختلفة في خواصها في بناء جسد العمل النحتي ، اذ يتحرك الفنان باتجاه توظيف الخامات وابدال سماتها الشكلية الفيزيائية،ـ ويجري تقديمها بما يخدم الصورة الذهنية لصنع هيئات وكائنات بغية الاعلان عن فاعليتها في الاتصال مع ذهن المتلقي.
    امست الخامة عند الفنان صالح القرغولي تحضر بوصفها كيان مادي محمولا بتصور ذهني ،اي حضورها بما يتناسب مع الخرائط الجمالية المتصورة او لنقل المتخيلة باستعارته الحبال والخيوط والاسلاك ومواد الخردة المتهالكة، والابقاءعلى الاثر بوصفه عنصر للاثارة والدهشة بما ان الاستعمال يمنح الاشياء الفة ، نحن نعشق الاشياء التي تحمل ذاكرة الاثر والاستعمال المتكرر لها .
    استثمر الفنان صالح القرغولي الاشياء والخامات الجاهزة ليصنع منها اعمالا مثل الاهوار من حبال واسلاك ودشالي كانت للعيون او عمل بلقيس والهدهد كانت بلقيس تتجسد من تجميع مواد مختلفة الخواص، جسدها من حبال ملفوفة ، تاجها من الاسلاك وبشكل غرائبي ، وليستدعي بهذا النظام الشكلي المقترح حالة تٱلف وانسجام عبر تنوع التقنيات ضمن بيئة حاضنة قادرة على البث والاتصال بالصورة المتخيلة عن الموضوع بلقيس او الاهوار، كونها تعمل بمنظومة رمزية من العلامات العقدية اي التي تعاقد عليها المجتمع، بما ان المقترح التجريبي الذي قدمه الفنان صالح القرغولي مثل متغير اسلوبي وتقني دفع الفنان نحو تنوع يختبر المواد والخامات ويعيد تشكيلها بضرورات تمنحها الذات حينا او تقدمها ضرورات جمعية واجتماعية مثال التنوع التجريبي المقترح لموائمة فن النحت مع المحيط والبيئة لذلك صرنا نشاهد مقترحاته البصرية تتخذ التجريب محرك لفعل الابداع منحوتات يجري تاثيثها بمواد وادوات من الشارع او بيئة السكراب، ذلك ان الاختيار التجريبي الحاصل عند الفنان صالح القرغولي يبغي هدم الحدود الفيزيائية للعمل الفني والشكل الانساني، وتضمينه طاقة اللون الخلاقة مبتغاه الاساس مغازلة عين المتلقي، وخلق ملامس الهش والصلب وفضاءات رؤية من عدة جهات واماكن للعمل النحتي هو حالة من انفتاح مساحة المشاهدة والحضور البصري .
    يشتغل التجريب عند الفنان صالح القرغولي بدافع متعة الاكتشاف لخواص المواد والخامات وتنوع طرق تشكيلها واختلاف تمثلاتها سواء من ناحية الشكل العام او درجة تفاعلها ضمن النسيج الداخلي لمركباتها وعناصرها ،اذ ان المواد من حبال واسلاك وبقايا اجزاء من سيارات او عتلات او اشياء جاهزة يجري تاليفها لخلق صيغة بصرية متنوعة في الاظهار .

    ان المقترحات التجريبية عند الفنان صالح القرغولي اخذت تتكيف مع ما تنتجه الثقافة والممارسات البدائية واشكال التعبير، ليجري اخضاعها الى ذلك المختبر التفاعلي والتواصلي بقصدية انشاءسطوح لها مرجعيات في التداول مثل بيئة الاهوار بحضورها الاجتماعي والمتخيل ، وبذلك فان المقترحات التجريبية عند القرغولي عمدت الى انشاء انظمة شكلية منفتحة على اختلاف مناطق الاختبار والانتقاء الغرائبي سواء بالمادة او الموضوعات، متخلصا من اطروحات النخبة والذوق السائد ، وليعمل على المغايرة في العرض وحتى امكنة وفضاءات جديدة، اذ تفاعل الفنان صالح الفرغولي مع المتغيرات للاثر في الامكنة، وعمد الى توظيفها بحساسية عالية للخامات التي افرزتها البيئة كمخلفات ومواد تالفة ، يجري التعامل معها بخصوصية فن التجميع وتنوع تقنيات الاظهار، لتغدو السطوح البصرية النحتية فضاء رحب من التجريب والاختبار .
    • ولد الفنان صالح القرغولي في بغداد عام 1933، أكمل رداسته في عام 1952 معهد الفنون الجميلة بدرجة شرف، 1958 أكمل دبلوم عالي للفنون في باريس، حصل على دبلوم عالي في الفن التشكيلي من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، في باريس البوزار، عاد الى بغداد عام 1962 وعمل مدرسا للنحت فيها، توفي في بغداد في شهر آب من عام 2003.
يعمل...
X