يوهان يواخيم ڤينكلمان Johann Joachim Winckelmann مؤرخ فنّ ألماني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوهان يواخيم ڤينكلمان Johann Joachim Winckelmann مؤرخ فنّ ألماني

    ڤينكلمان (يوهان يواخيم ـ)
    (1717 ـ 1768)
    يوهان يواخيم ڤينكلمان Johann Joachim Winckelmann مؤرخ فنّ ألماني. درس اللاهوت في برلين بين عامي 1735ـ 1736، وفي مدينة غال في الفترة 1738ـ1740. هاجم فن القرن الثامن عشر الأرستقراطي انطلاقاً من مواقف الفلسفة التنويرية، فقد رأى هذا الفن سطحياً وخاوياً من الفكر، في حين ثمَّن عالياً الفن الإغريقي القديم ورأى فيه مثالاً للوطنية والبطولة. ومن الجدير بالذكر أن الشعراء والفنانين في غرب أوربا ألحُّوا بالدعوة، منذ منتصف القرن الخامس عشر، إلى الاهتمام بالمراحل التاريخية القديمة. وقد ظهرت هذه الدعوة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، حيث تبدت هذه المراحل في إضاءة جديدة بعد الاكتشافات في هرقولانوم Herculanum (إركولانو Ercolano اليوم) عام 1738 وبومبي Pompei عام 1748 الغارقتين في رماد بركان فيزوف Vésuve. هذه الاكتشافات الجديدة أسفرت عن زيادة واسعة في المعارف على صعيد فنون العصور الإغريقية القديمة. ويعدُّ ڤينكلمان من أهمّ الباحثين في هذا المجال، فقد أوضح كثيراً من الأسرار والجوانب المتعلّقة بأحاسيس الفنانين الإغريق. وكانت إبداعاته مرجعاً ودليلاً معتمداً اهتدى بها الباحثون والفنانون، فمنذ ذلك الحين لم تعد الأعمال الفنية زينة للمكان أو لهواً ومتعة، بل أضحت وسيطاً معرفياً لتربية الإنسان. وعلى أثر ذلك تمَّ في ألمانيا تحويل مراكز البحوث المتعلقة بفلسفة الفن: بومغارتن Baumgarten حول مؤسسته التي تعنى بعلم الجمال إلى فرع من العلوم التخصصية، حتى إن مدام دو بومبادور Madame de Pompadour أظهرت اهتماماً عظيماً بعالم الماضي الإغريقي والروماني، بعد اطلاعها على معطيات ڤينكلمان، فأرسلت على نفقتها الخاصة كثيراً من البعثات العلمية إلى إيطاليا لدراسة الآثار من أجل تطوير وإثراء التجربة الكلاسية الجديدة.
    يعدُّ فينكلمان من أهم الشخصيات التي جددت طفولة الحضارة الإغريقية القديمة، فقد ألَّف أبحاثاً عدّة في تاريخ الفنون، ومن أهمها عمله الإبداعي المخصص لتاريخ الفنون القديمة Geschichte der Kunst des Altertums الذي يعود إلى عام 1764. يعدّ هذا البحث أول نموذج علمي لتاريخ الفن لا يتطرق فقط لسيرة الفنانين كما فعل سابقوه ويقدم تحليلاً لأعمالهم، بل عمد إلى تناول مسيرة الفن بعموميتها.
    أفرد ڤينكلمان في مؤلفاته حيزاً كبيراً للنحت الكلاسي (الاتباعي) وعدَّه مثالاً فنياً راقياً، وعمد إلى التعمق في استنباط السمات الفنية لهذا العصر، إضافة إلى دراسة بعض الشواهد والأعمال وإبراز خصوصيتها، فكان في ذلك من أوائل مؤسسي طرائقية التحليل في النقد الفني، إذ أسهمت دراساته المعمقة للفن الإغريقي والروماني في إرساء الأسس التي نهضت عليها الكلاسية الجديدة في ألمانيا وباقي دول أوربا. كما رأى في الكلاسية كل ما يحمل سمات ليس فقط الاتزان والوحدة والتناسب، بل والبساطة المهيبة والجلال الوقور، كما كان يقول. وقد ميَّز في كتابه السالف الذكر أربع مراحل أساسية:1ـ «القديم البائد»: ويسمى بمفهوم اليوم الأركائيك Archaik. 2ـ «النهضوي»: ويتناسب مع الفنون الكلاسية في القرن الخامس قبل الميلاد. 3ـ «الجميل»: ويتمثل بالفنون الكلاسية المتأخرة في القرن الرابع قبل الميلاد. 4ـ «المقلّدة»: ويتمثل بالفنون الهلنستيّة hellénistiques ـ المتأغرقة. وظل هذا التقييم ثابتاً من دون أن يفقد أهميته في جميع البحوث التي جاءت بعده. كما يعد ڤينكلمان من أوائل المفكرين الذين عملوا على أن يقوم البحث في تاريخ الفن اعتماداً على الأسباب والبواعث، فيتحدث في كتاباته عن المؤثرات والمناخات المتنوعة، وأرجع أسباب النهضة في مسيرة الفن الإغريقي القديم إلى الظروف الجغرافية والاجتماعية والثقافية والسياسة، وأثر ذلك في الفنانين وإبداعاتهم.
    قد تبدو إبداعات ڤينكلمان حالياً قديمة برؤيتها، وهذا قد يكون صحيحاً، ولكنها مع ذلك ليست بسيطة في نتائجها، فمن خلال تصنيفها وبحثها الأمين قدمت خدمات جلّى لتاريخ الفن والحضارة البشرية.
    أحمد الأحمد
يعمل...
X