الأشعة فوق البنفسجية..وما هو التصوير بالأشعة تحت الحمراء (2)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأشعة فوق البنفسجية..وما هو التصوير بالأشعة تحت الحمراء (2)


    التصوير بالأشعة تحت الحمراء (2) - ونبذة عن الأشعة فوق البنفسجية…



    مرت بضع سنوات منذ كتابتي لمقالة التصويربالأشعة تحت الحمراء، والتي كنت قد كتبتها في وقت لم أكن قد أمتلكت فيه كاميرا مخصصة لهذا النوع من التصوير بعد. وقد لاحظت الكثير من الزيارات لتلك المقالة والكثير من الأسئلة التي يتداولها البعض حول إمكانية تصوير باطن الأرض بهذه الطريقة. لذلك آثرت هنا الإجابة على هذه الأسئلة في البداية وسأنتقل بعدها إلى موضوع التصوير بالأشعة تحت الحمراء وتجربتي الخاصة بعد حصولي على كاميرا مخصصة لهذا الغرض، مع التعرض قليلا للتصوير بالأشعة فوق البنفسجية؛ وهو نشاط لم أمارسه بقدر ممارستي للتصوير بالأشعة تحت الحمراء.
    بدايةً، يسأل الكثير حول طريقة صنع أو حمل الكاميرا على التصوير بالأشعة تحت الحمراء. الجواب على ذلك هو: للتصوير بالأشعة تحت الحمراء يجب إزالة بعض المرشحات الخاصة الموضوعة فوق المستشعر من قِبل المُصنّع. هذه العملية خطرة جدا ولا يُنصح عادة بعملها في الكاميرات غالية الثمن إلا من قِبل المختصين بهذه الأمور. تعتبر العملية حساسة جدا وأقل خطأ فيها قد يتلف المستشعر ولا يعود للعمل مطلقا. شخصياً، قمت بإرسال كاميرتي الشخصية (الثانية) إلى ورشة عمل في الخارج لعمل هذا التغيير على المستشعر. عملية مُكلفة فعلا ولكنها تستحق ذلك للجادين بمتابعة هذا الفن. وكنت قد قمت بتغيير «طيفي كامل» (Full Spectrum) وهذا لتصوير الأشعة تحت الحمراء والألوان العادية بالإضافة إلى تصوير الأشعة فوق البنفسجية كذلك.

    السؤال الأكثر ترددا هو: كيف يمكن تصوير باطن الأرض بالأشعة تحت الحمراء (لاستكشاف المعادن وغيرها)؟ والجواب ببساطة هو: لا يمكن!
    أثناء دراستي الجامعية في الفيزياء وعلوم الأرض (الجيولوجيا) لم أسمع بهكذا طريقة لاستكشاف باطن الأرض. استكشاف باطن الأرض يتم غالبا بطريقة الكشف عن المعادن والتي تستخدم الموجات الكهرومغناطيسية أو بالموجات الزلزالية لمعرفة التكوينات الجوفية، لا باستخدام كاميرا تصوير عادية. علاوة على أن طبيعة الأشعة تحت الحمراء لا تسمح باختراق الطبقات الأرضية والارتداد ليتم تصويرها تباعا.
    مررت ببعض الدراسات المنشور فحواها على الشبكة والتي تتحدث عن استخدام التصوير (أو التحسس) الحراري للمساعدة في الكشف عن الألغام وبعضها للكشف عن أماكن تسرب المياه أو مصادرها، ولكن جميعها كانت دراسات أكاديمية وليست «طُرُقًا» مؤكدة وغالب الظن أنها تتم باستخدام مسشتعرات وأجهزة خاصة وليس بالكاميرات الاعتيادية المعدلة للتصوير. ذلك لأن التصوير الحراري يعتبر ضربا من ضروب التصوير بالأشعة تحت الحمراء ولكن المستشعرات الاعتيادية في الكاميرات الرقمية (للاستهلاك العام للمصورين) لا يمكنها التقاط الطول الموجي للأشعة الحمراء في ذلك المجال (يقوم التصوير الحراري على استشعار الموجات ذات الطول الموجي بداية من 1000 نانومتر وما بعد). هذا بالإضافة إلى الحاجة إلى عدسات خاصة للتصوير الحراري تكون مطعمة بعنصر الجرمانيوم، لأن العدسات الاعتيادية للتصوير لا تسمح بمرور هذا الطول الموجي وبالتالي ستبدو الصورة معتمة تماما ولن يرصد المستشعر أي شيء!
    لا أعلم مدى صحة تلك الإدعاءات القائلة بأن البعض قد قام بتعديل بعض الكاميرات لتصوير باطن الأرض واستكشاف ما تحت الثرى، ولكن كل ما أراه أمامي هو عدم إمكانية هذا العمل بالكاميرات العادية، ولا بالتصوير بالأشعة تحت الحمراء العادية، بل وحتى بالتصوير الحراري الذي لا تزال الدراسات قائمة بشأنه ولا يمكن تطبيقه في الكاميرات العادية. أتمنى من هذه المقدمة أن تكون قد أجابت على معظم الأسئلة التي تخطر ببال زوار هذه المدونة وخاصة المقالة الأولى عن التصوير بالأشعة تحت الحمراء.

    أما فيما يخص قوام هذه المقالة بالذات، والتي ساعتبرها الجزء الثاني من تلك المقالة المُنجزة منذ بضع سنين، فهي عن تجربتي الشخصية في التصوير بالأشعة تحت الحمراء بعدما تمكنت من الحصول على كاميرا مختصة بهذا النوع، وسأحاول التطرق إلى التصوير بالأشعة فوق البنفسجية وصعوباته.

    الكاميرا

    كما أشرت آنفا، كنت قد بعثت بكاميرتي الخاصة إلى ورشة في الخارج بغرض تعديلها لتصوير الطيف كاملا (تحت الأحمر، طيف مرئي، فوق البنفسجي)، وقد كانت العملية مكلفة بعض الشيء. أما الكاميرا فهي مشابهة لكاميرتي الأولى (الأساسية)، وهي من نوع كانون إيوس 7د. يجب مراعاة نوع الكاميرا عند تقرير تعديل الكاميرا وإرسالها إلى بعض الورش للتعديل، وذلك لأن بعض الورش قد لا توفر بعضا من الخدمات لبعض أنواع الكاميرات ولكنما لأنواع محددة منها. وقد كنت محظوظا لوجود نوع هذه الكاميرا في قائمة الخدمات لهذه الورشة (ومقرها الولايات المتحدة). وهذه الكاميرا مشابهة لكاميرتي الأولى وقد ابتعتها من صديق قرر أن يتخلص منها ويتحول إلى نظام كاميرات النيكون (وهكذا كنت محظوظا بعض الشيء لحصولي عليها بثمن زهيد نسبيا).
    امتلاك كاميرا من هذا النوع سيفتح آفاقا لم تكن متوفرة للمصور. إذا كان عزيزي القارئ قد قرأ المقالة السابقة حول التصوير بالأشعة تحت الحمراء فلعله يدرك الآن بأنني كنت أمارس التصوير بالأشعة تحت الحمراء بالكاميرا العادية، وهذه العملية كانت تتم بالتعريض المطول غالب الأحيايين، حيث ان الصورة الواحدة كانت تستغرق عدة دقائق، عدا بعض الظروف الخاصة والتي يكون التعريض فيها قصيرا لسبب ما وهذا مرتبط أيضا بقوة مرشح الأشعة تحت الحمراء بحد ذاته.
    ساحة قالا (قلعة) - مالطا
    اُلتقط هذا المشهد المستعرض بكاميرا عادية مع مرشح أشعة تحت الحمراء. تكون المشهد مما يقارب 42 صورة مدموجة استغرق التقاط الواحدة منها ما بين الدقيقتين إلى الأربع دقائق.

    على أية حال، هذه القيود تخف وقد تتلاشى تقريبا إذا تم استخدام كاميرا معدلة خصيصا للتصوير بالأشعة تحت الحمراء. هذا بالإضافة إلى إمكانية استخدام هذه الكاميرا المعدلة للتصوير العادي باستخدام بعض المرشحات المخصصة لحجب الأشعة تحت الحمراء على العدسة.
    The Escape (الهروب)
    التقط هذا المشهد المستعرض بكاميرا معدلة ومع مرشح للأشعة تحت الحمراء خلف العدسة. كان معدل التعريض للصورة الواحدة 40 ثانية أو أقل. قمت بتغيير المصباح في هذا المكان إلى نوع التنجستين لتوفير الكم اللازم من الأشعة تحت الحمراء للتصوير (بدلا من مصباح التوفير الموجود في المكان). يجدر بالذكر بأن المساحة السوداء خلف الباب وعلى الأطراف كانت بالفعل مضاءة وقت التصوير ولكن بمصابيح توفير والتي لا توفر الكم المطلوب من الأشعة تحت الحمراء، مما خدم تصميم الصورة هنا.

    إذا كان المصور ممن يفضلون التصوير باستخدام العينية بدلا من الشاشة الخلفية (المشاهدة الآنية) فإنه سيضطر إلى مخالفة عادته لأن التصوير مع وجود مرشح معتم فوق العدسة لن يتيح فرصة الرؤية من خلال العينية مطلقا وسيكون الاعتماد كليا على الشاشة (ولكن قد يكون الأمر مختلفا بالنسبة للجيل الجديد من الكاميرات عديمة المرآة Mirrorless Camera والتي يتوفر فيها نظام «العينية الإلكترونية» EVF). والأمر ليس سيئا حقيقةً ولكن قد يضطر المصور إلى اتخاذ بعض الإجراءات إذا كان التصوير تحت أشعة الشمس لتمكينه من رؤية الشاشة بوضوح. وجدير بالذكر كذلك بأن الكاميرا المعدلة للتصوير بالأشعة تحت الحمراء هي من الأدوات المفضلة والشائعة في التصوير الفلكي الجاد.
    جِنْ
    التقط هذا المشهد المستعرض باستخدام كاميرا معدلة ولكن دون مرشح للأشعة تحت الحمراء في العدسة، ولكن بسبب إضاءة المكان بالشموع فقط وهي من المصادر الحسنة للأشعة تحت الحمراء فإن الصورة شبيهة بصورة مع مرشح الأشعة تحت الحمراء.
    انقر للتكبير.
    المُرَشِّحات

    كنت قد تحدثت عن المرشحات في المقالة الأولى عن هذا النوع من التصوير، وفي هذه الفترة الممتدة بين تلك المقالة والآن حصلت على بعض المرشحات الإضافية وتعلمت بعض الأشياء الإضافية كذلك. من بين تلك الإضافات إلى مجموعتي: مرشح الأشعة فوق البنفسجية، ومرشح صد الأشعة فوق الحمراء (وسأتكلم عنهما في حينه)، ومرشح هيدروجين-ألفا H-α (والمخصص للتصوير الفلكي).
    مجموعة المرشحات خاصتي باستثناء المرشحات الهلامية، مع قيمة العتبة لكل مرشح باستثناء مرشح هيدروجين-ألفا والذي لا يعتبر مرشحا للأشعة تحت الحمراء بحد ذاتها ولكنه مخصص لتصوير السماء ليلا. اسم الشركة المصنعة لكل نوع مدرج باللون الأزرق لكل مرشح. تعتبر مجموعة «نيوَر» الأرخص ثمنا وسعر هذه المرشحات الأربعة مجتمعة أقل من مرشح واحد من صنع B+W. ولكن الاختلاف يكمن في جودة الصنع حيث أن مرشحات هذه المجموعة خفيفة ويجب التعامل معها بحذر خشية التلف. تم التصوير تحت الشمس لتبيان عتمة كل مرشح.

    مرشحات الأشعة تحت الحمراء تعتبر الأكبر في مجموعتي وتتفاوت هذه المرشحات بقيمة «العتبة» (Threshold)، وهي قيمة الطول الموجي الأدنى لعبور المرشح، وكنت قد شرحت بعض هذه الأمور في المقالة الأولى. والحال هو كلما ارتفعت قيمة العتبة فإن الصور الملتقطة بهذا المرشح تقترب أكثر فأكثر من الأحادية في اللون (كصورة بالأبيض والأسود ولكن مع صبغة حمراء أو زرقاء بحسب طريقة تصحيح الألوان: Monochrome)، أما مع انخفاض قيمة العتبة واقترابها من 700 نانومتر أو ما دون ذلك فإن المرشح قد يسمح ببعض درجات اللون الأحمر بالعبور وهكذا تخالط الصورة بعض الألوان. أحد هذه المرشحات هو مرشح هيدروجين-ألفا المذكور آنفا والذي أدعوه أحيانا بـ «مرشح الأشعة تحت الحمراء الضعيف» وذلك تشبيها فقط، حيث أن هذا المرشح يسمح بعبور بعض الضوء من مصابيح الغرفة بل ويُمكِّن أحيانا من النظر من خلال العينية بعض الشيء دون شاشة العرض الآنية للكاميرا. هذا المرشح صُمم خصيصا للتصوير الفلكي ولحجب التلوث الضوئي بقدر معين لتصوير السماء ليلا، ولكني استخدمته كالمرشحات الأخرى في التصوير العادي غالبا (لا زلت أحاول إثبات القدم في مجال التصوير الفلكي).
    مرشح هلامي للأشعة تحت الحمراء
    يتم وضعه في الخلف من العدسة.
    معظم هذه المرشحات عبارة عن أقراص تُثبت في مقدمة العدسة، ولكن يوجد البعض منها هلامي (أو بلاستيكي) البِنية ويمكن اقتطاع بعض القطع منه لاحتياجات بعض العدسات (خاصة عدسات «عين السمكة» والتي يُثبّت المرشح فيها بالخلف غالبا). كان هذا فيما يتعلق بمرشحات الأشعة تحت الحمراء، وسوف أتكلم عن مرشحات الأشعة فوق البنفسجية في معرض الحديث عن هذا النوع من التصوير لاحقا.
    مرشح من نوع «أسترونوميك» Astronomik ويُثبّت
    داخل الكاميرا فوق المستشعر للتصوير الفلكي.
    التفاصيل في المصدر.
    يجدر بالذكر كذلك بأن هناك بعض أنواع المرشحات المتوفرة حاليا والتي تحل مشكلة اختلاف أقطار المرشحات لتناسب العدسات، وهو «مرشحات المستشعر» إن صحّ لي إطلاق هذا الاسم عليها. وذلك لأن هذه المستشعرات تثبت داخل الكاميرا فوق المستشعر وبالتالي لا يهم قطر العدسة المستخدَمة للتصوير حيث أن المرشح داخل الكاميرا من خلف العدسة سيرشح الضوء قبيل وصوله للمستشعر. تتوفر هذه المرشحات بأنواع متعددة ولكنها مصممة خصيصا لهواة التصوير الفلكي، ولهذا فبينما يمكن الحصول على مرشح مثل هيدروجين-ألفا بهذا الشكل، لا أظن أن المرشحات من هذا النوع يتم تصنيعها لترشيح الأشعة تحت الحمراء بعتبات مختلفة.
    مجموعة من الصور الذاتية من الكاميرا مباشرة دون أي تعديلات على الصور وقد تم التقاطها بالمرشحات المعروضة أعلاه.


    العدسات

    لا يوجد الكثير للحديث عنه فيما يخص العدسات للتصوير بالأشعة تحت الحمراء وذلك لعدم وجود أية مشاكل ما عدا تلك المذكورة فيما يخص التصوير الحراري والذي يتطلب عدسات مصنعة (أو يدخل في تصنيعها) عنصر الجرمانيوم. وجدير بالذكر هنا ما كان قد تم ذكره في المقالة الأولى، وهو أن مسافات التركيز لضبط الصورة (والمعنونة على العدسة عادة) سوف تختلف عند التصوير بالأشعة تحت الحمراء وذلك لأن العدسات عند صنعها تكون قد عويرت بالنسبة لألوان الطيف المرئية (وبالتحديد للون الأحمر والأصفر والأزرق مجتمعة). ولذلك يوجد على بعض العدسات علامة محددة (نقطة حمراء غالبا) على حلقة ضبط التركيز لتعويض الفرق في مسافة التركيز ما بين الطيف المرئي والأشعة تحت الحمراء، وهناك أيضا خدمات لمعايرة بعض العدسات لهذا الغرض، تقدمها تلك الورش التي تقوم بتعديل الكاميرا. في كل الأحوال لا يحتاج الأمر إلى كل هذا التعقيد. فمع العمل بشاشة العرض الآنية للكاميرا لن تكون هناك مشاكل (تقريبا) لضبط وضوح الصورة. المشكلة الحقيقية مع العدسات تتضح في التصوير بالأشعة فوق البنفسجية وسآتي على ذكرها.

    التصوير بالأشعة فوق البنفسجية

    عند الحديث عن التصوير بالأشعة فوق البنفسجية قد يرتبك البعض بين نوعين من التصوير كلاهما يتعلق بهذا الطيف من الأشعة، وهما: التصوير الارتدادي والتصوير الاستشعاعي. يقوم التصوير الارتدادي على تصوير الأشعة فوق البنفسجية بحد ذاتها عند ارتدادها من الأجسام كما هو الحال مع الضوء العادي. أما التصوير الاستشعاعي فهو تصوير استشعاع المواد عند تفاعلها مع الأشعة فوق البنفسجية والذي يتسبب في توهجها وهي حالة أُطلق عليها عدة أسماء، منها: التألّق، اللَّصَف، الفَلْورَة، التـفَـلوُر، الاستشعاع. وفي هذا المقام آثرت الأخذ بمصطلح الاستشعاع (Fluorescence).
    نموذج للتصوير بالاستشعاع عن طريق الأشعة فوق البنفسجية.
    المصدر

    في التصوير الاستشعاعي لا يحتاج المصور إلى كاميرا خاصة، حيث أن الموجات الناتجة والمرئية هي من ضمن الطيف المرئي ويمكن تصويرها بالكاميرات العادية. في هذا المقام نحن بصدد التحدث عن التصوير الارتدادي والذي يحتاج إلى كاميرا خاصة قد تم تعديل المستشعر فيها لتصوير هذا النوع من الأطياف.
    كما ذكرت آنفا، فقد قمت بتعديل كاميرتي للتصوير بالطيف كاملا بالإضافة إلى الأشعة تحت الحمراء وفوق البنفسجية. والحقيقة هي إنني لم أكن أعلم الكثير عن التصوير بالأشعة فوق البنفسجية (ولا تحت الحمراء) عندما قررت تعديل الكاميرا. ولكن تعقيد التصوير بالأشعة فوق البنفسجية كان أكثر منه بالأشعة تحت الحمراء، وذلك لاكتشافي الصعوبات المتعلقة به خطوة بخطوة بعد تجارب عدة. وتكمن أولى صعوبات التصوير بالأشعة فوق البنفسجية هو عدم حساسية المستشعر الجيدة لتلك المنطقة من الطيف. ولكن لتسهيل القراءة سأسطر الصعوبات التي اكتشفتها بنفسي حتى هذه اللحظة بعدة نقاط:
    • كما ذكرنا، فإن مستشعر الكاميرا بشكل عام له حساسية منخفضة في تلك المنطقة من الطيف ولهذا فإن المدى المرصود للأشعة فوق البنفسجية يتراوح بين 300 إلى 400 نانومتر أو أكثر قليلا.
    • العدسات الحديثة تكون مطلية غالبا بغطاء خاص للحد من تأثير الأشعة فوق البنفسجية في الصورة العادية. ولذلك يلجأ الهواة إلى الأساليب المختلفة لتخطي هذه المشكلة. أحد هذه الحلول هو بَرْد الطبقة العلوية بحذر وبأدوات خاصة لإزالة الغطاء المانع للأشعة فوق البنفسجية. ولكن هذا الحل قد لا يفيد أحيانا لأن بعض العدسات قد تغطي العناصر الداخلية داخل العدسة بذات الطبقة وبالتالي يتوجب إزالة هذه الطبقات كذلك للسماح بأكبر قدر ممكن من الأشعة فوق البنفسجية بالنفاذ وهو أمر شبه مستحيل. من جانب آخر، يلجأ البعض إلى عدسات مكبرات الصور (Enlarger) وهي عدسات كانت تُستخدم لتكبير الصور أثناء تظهير وتحميض الصور وهي عدسات بسيطة التركيب ولكنها تناسب نوع التصوير هذا لبِدائية تصنيعها. ولكن يجب على المصور العمل على تكييف هذه العدسة للعمل مع الكاميرا. هذا لا يعني عدم صلاحية العدسات الحديثة لتصوير الأشعة فوق البنفسجية ولكن هذا من شأنه إطالة مدة التعريض.
    • مرشح للأشعة فوق البنفسجية من صنع B+W.
      المرشحات الخاصة لهذا النوع من التصوير غالية الثمن. تلك التي تتوفر بسعر معقول نسبيا تعاني في الغالب من تسريب في طيف الأشعة تحت الحمراء وهكذا فإن الصورة الناتجة لا تكون تمثيلا حقيقيا لارتداد الأشعة فوق البنفسجية وإنما صورة للأشعة تحت الحمراء، وعليه يتوجب استعمالها مع مرشحات أخرى لصد الأشعة تحت الحمراء (أو ما يسمى بالمرايا الساخنة Hot Mirrors). أما المرشحات المتقنة الصنع والتي تصد الأشعة تحت الحمراء بشكل جيد فهي غالية الثمن (غالبا من صنع «بادِر» Baader)، ويتم تصنيعها غالبا للتصوير الفلكي باستعمال المقارب، ولكن يمكن ملاءمتها للعمل مع العدسات العادية.
    • مرشح «كينكو DR 655» لصد
      الأشعة تحت الحمراء.
      أستعمله مع مرشح B+W للتصوير
      بالأشعة فوق البنفسجية لصد تسريب
      الأشعة تحت الحمراء في ذلك المرشح.
      ليس كل مرشحات «المرايا الساخنة» مناسبة للعمل مع مرشحات الأشعة فوق البنفسجية، وهذا الأمر اختبرته شخصيا. يوجد هناك بعض المرشحات التي يُفترض أنها تصد الأشعة تحت الحمراء ولكنها ليست كذلك، أو ليست بالقوة التي تدعي على الأقل (لعل أسوءها كان من صنع «تيفين» Tiffen، عن تجربة شخصية). حاليا أستخدم شخصيا مرشح «كينكو» (Kenko) - وهو ياباني الصنع - لصد الأشعة تحت الحمراء عند العمل بتصوير الأشعة فوق البنفسجية وقد أثبت فاعليته.
    • «مصباح أسود» بقدرة 20 واط.
      وقد تتوفر المصابيح السوداء بأشكال
      متعددة ومنها ما يكون بشكل
      صمامات ضوئية (LED).
      في الوقت الذي يعتبر الومّاض من أفضل مصادر الإضاءة عند التصوير بالأشعة تحت الحمراء من بعد الشمس، إلا أنه ليس كذلك عند التصوير بالأشعة فوق البنفسجية. تعتبر الشمس هي أنسب مصدر مما قد يسبب بعض المشاكل عند التصوير إذا ما كان هناك نسمات من الهواء تحرك الموضوع، ولذلك غالبا ما يضطر المصور إلى رفع حساسية المستشعر لتسريع (تقصير) مدة التعريض. هناك بعض الحلول للتصوير الداخلي (داخل المنزل) بالأشعة فوق البنفسجية كتعديل الومّاض وإزالة بعض أجزائه المانعة لانطلاق الأشعة فوق البنفسجية منه ولكنها عملية معقدة وخطرة كذلك. وهناك أيضا ما يسمى بـ «المصابيح السوداء» (Black lights) والمتوفرة في بعض الأسواق ويتم استعمالها في بعض المحال للزينة وهي متنوعة وتختلف الأطوال الموجية التي تطلقها (وهي بالأصل تستخدم في مجال التحري الجنائي). قد ينفع بعضها ولكن بحد علمي وكما قرأت في بعض المصادر فإنها لا تعتبر مصدرا جيدا للأشعة فوق البنفسجية.


    وبالرغم من هذه الصعوبات إلا أن هذا النوع من التصوير مثير للاهتمام في العديد من المجالات، الفنية والعلمية. لعل من أكثر المواضيع شيوعا للتصوير بهذا النوع من الأشعة هي: تصوير الزهور وتصوير الجلد، والبعض يرجح بأنها طريقة جيدة للكشف المبكر عن سرطان الجلد. ومع بعض التقنيات يمكن محاكاة عمل الأجهزة البصرية لبعض الحشرات والطيور (نظريا) وذلك لأن هذه الكائنات قد زودها الخالق بأجهزة بصرية قادرة على رصد الأشعة فوق البنفسجية كما يرى الانسان الألوان والطيف المرئي. ولهذا يُعد التصوير بهذه الطريقة (مدمجا ببعض التقنيات) طريقة مبتكرة لمحاكاة جهاز البصر في هذه الكائنات، ولو بشكل نظري غير حقيقي تماما.
    لم أمارس هذا التصوير كثيرا ولكني أعمل على ذلك، وبسبب هذه الصعوبات فإن تصويري لهذا النوع من الأشعة يتم نهارا في الغالب. ولربما كتبت مقالة منفردة للحديث عن تجربتي مع هذا النوع من التصوير بالإضافة إلى بعض تقنيات تعديل الألوان في هذا النوع من الصور.
    صورة طبيعية لنبات ما (يمين) وصورة مدمجة للأشعة فوق البنفسجية مع الألوان (يسار) والتي تحاكي نظريا طريقة إبصار النحل، فرضيا. هذه أولى محاولاتي لصنع صور من هذا النوع.

    الخاتمة

    أتمنى أن تكون هذه المقالة المقتضبة قد أجابت بعضا من أسئلة عزيزي القارئ. لم أشأ الإطالة فيها بسرد الأساليب الرقمية للعمل مع الصور ولكن في الجزء الأول ما أظنه القدر الكافي من شرح لهذا العمل. ولم أشأ التفصيل في عمل الأشعة فوق البنفسجية وذلك لكون المقالة عن العمل بالأشعة تحت الحمراء بالمقام الأول، والعمل مع الأشعة فوق البنفسجية له نهجه الذي قد يطول شرحه. والحقيقة هي أن كِلا النوعين من التصوير يفتح آفاقا جديدة للفنون والإبداع الذي يبدو «سيرياليا» بحد ذاته. ولهذا، فقد يبدو الشرح في كيفية التعامل مع الألوان في هذا النوع من التصوير شيء لا مبرر له، ولكن يبقى هناك حد أدنى من القواعد الأساسية للتعامل مع الألوان، وهي بالمناسبة ما يُطلق عليها أحيانا «ألوان كاذبة» (False Colors)، وذلك لأن الأطياف تحت الحمراء وفوق البنفسجية ليست ألوانا بالمعنى الحقيقي للكلمة (وإلا لكُنّا نراها بأنفسنا رأي العين) ولكنما هي بعض الطرق والخدع «البصرية»، إن صح التعبير، للإيحاء بها ودراستها وتخيلها. ولكن ما يهمني فيها كمصور هو الفن الكامن في أفق هذه الأطياف، أولا وآخرا. هذا، وحتى نلتقي في مقالة أخرى إن شاء الله…
    اِنْسِلاخْ
    صورة بالأشعة تحت الحمراء بمساعدة الوميض المتتابع.
يعمل...
X