النحت ٤_a .. كتاب الفن في القرن العشرين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النحت ٤_a .. كتاب الفن في القرن العشرين

    ( جياكومتي Giacometti ) ، ويبدو أقل اقتناعاً من الفنان المذكور آنفاً بأن الحجوم النقية تستطيع أن تعبر وحده اعمافي ذهنه من الاهتمامات. وقد أقام في باريز بدءاً من عام ۱۹۲۲ . وأنتج اعتباراً من ١٩٢٦ أعمالاً تجريدية تميل إلى الرمزية : ( الزوجان ) ( امرأة مضطجعة تحلم » رجل وامرأة ) ، وبدلاً من أن يصقل كتلاً وينحتها ، يؤثر أن يبني مجموعات ذات تفاريغ تلتقي فيها الخطوط المستقيمة بالخطوط المنحنية وبالشرائط المتماوجة ، ومن هذا القبيل مجموعته المسماة « قصر في الساعة الرابعة صباحاً ۱۹۳۳ فهي تشبه القفص المصنوع من قضبان متباعدة ، ويبدو في داخلها هيكل عصفور ، وعمود فقري ، وكأنهما حبيسان في أقفاص أصغر حجماً من الأول ، تزيد من ابراز عزلتهما التي تبدو حقيرة ومثيرة الشفقة بنفس الوقت . .. وإن الفراغ المعنوي لا التشكيلي فحسب ، يوجد أيضاً في أعمال أخرى تتجابه فيها أشياء ابتدعها الخيال إلى حد ما، وخاصة في منحوتته ( مشروع لبناء ساحة ) ( ۱۹۳۱ ) الذي تتجاور فيه بحنين بضعة أشكال صغيرة بدائية ومن ١٩٣٢ إلى ١٩٣٤ ، صنع جياكومتي شخوصاً عارية بلا رأس وبلا ذراعين ، وهي رقيقة ممشوقة إلى درجة أنها تبدو سريعة العطب وهذه الشخوص هي التي تنبى بما سوف يعمل صانعها بعد الحرب ، عندما يتجاوز مرحلة البحوث المختلفة فيكتشف اسلوباً خاصاً به ، يتبعه بعد ذلك باستمرار .

    وقد حدث أن بعض الفنانين الذين أتينا على ذكرهم قد استعملوا مواد لم يكن يقرها الفن التقليدي . إلا أنهم في الغالب ظلوا أوفياء للبرونز أو المرمر أو الصخر أو الخشب. على أن ثمة نحاتين آخرين نفذوا في نفس الحقبة من الزمن ، كل آثارهم الفنية أو قسماً منها ، باستعمال مواد جديدة ، أو مواد لم تكن معتبرة حتى ذلك الوقت جديرة بأن تستعمل في الابداع الفني الصحيح ، ولاسيما الحديد والشبه والزجاج والبلكسيغلاس وبعض المواد البلاستيكية .

    أما الحديد فقد استعمله بصورة خاصة الاسبانيان و غارغاللو Gargallo و « غونزالز Gonzalez » . والأمريكي «كالدر Calder». أما الاسبانيان فقد جاء أولهما باريز منذ عام ۱۹۱۱ ، وقد سبقه إليها مواطنه الثاني عام ۱۹۰۰ . وقد اتصلا ببيكاسو وراحا يستفيدان من مثاله . ولكن في انتاج كل منهما قسماً ينتمي إلى الفكر الحديث ، وقسماً يرتبط بقدر ما بالتقاليد الواقعية. وعندما يعمل « غارغاللو » في الطين الخزفي أو المرمر أو الحجر يكون موقعه من الفن غير بعيد عن موقع مايول، ولكنه عندما يستعمل الحديد أو الرصاص أو النحاس يأخذ في حسبانه بعض التجديدات أو المحدثات التي جاءت بها التكعيبية فيجعل الشكل هندسياً ، ويستبدل أحياناً المحدب بالمقعر ، ويوحي لنا بأن ثمة حجوماً دون أن يكونها أو يبرزها ، بل أنه بواسطة محيطها . وأكثر آثاره طرافة وابتداعاً هو الراقصة و «راهبة الاله باخوس » و « أرليكان (المهرج) و نبي ، وقد صنعها كلها بين ١٩٢٤ و ١٩٣٤ أي حتى وفاته . وفي منحوتته النبي الكبيرة ذات الأشكال التي تبرز فيها العظام ، يظهر الفنان على أحسن وجه مدى ما يعطيه العمل في الحديد من بلاغة وجدة لفنه يوحي بوجودها ... أما غونزالز فقد كان ينحت منذ ۱۹۱۰ . لكنه أحس بعد ثذ بأنه أميل إلى التصوير . ولم تظهر عبقريته الحقيقية الاحوالي ١٩٣٠ . وبين الآثار الأولى التي صنعها من الحديد آنئذ توجد « أقنعة » تظهر للوهلة الأولى مدى اختلاف أبحاثه عن تلك التي كان يقوم بها « غار غاللو » . فالأقنعة التي كان يصنعها غار غاللو قبل خمسه عشر عاماً تقريباً لا تبعد عن الشكل الطبيعي للوجه البشري. وتمتاز برشاقة تسر الناظر ، أما أقنعة غونزالز فهي على العكس من ذلك ، لأنها مخترعة برمتها اختراعاً كاملاً . فليس فيها إلا بعض العناصر الهندسية ذات البساطة الصارمة . وهي ذات تعبير رصين منطو على نفسه . إلا أن أجمل ماجاء به هذا الفنان هو هذه ( المنحوتات الخطية ) التي يسميها « امرأة ترتب شعرها » و ( راقصة ) و « شخص واقف » . وفي هذه المنحوتات ينقل الفنان الأشكال الموجودة في الحياة ، ولكن باستقلال كثير عن الأصل وطرافة وليس ثمة ما يحد حرية الفنان إلا حدود الامكانيات المتوفرة في الحديد الذي يحرص على أن يراعي ويحترم ما يمتاز به من طبيعة صلبة ومتمردة ، وعنيفة . ولذلك نرى أن المستقيمات والزوايا أكثر وروداً في آثاره من الخطوط المنحنية . بيد أن فنه خال من الثقل . وليس في صلابته شي يوحي بعدم الحساسية وغونزالز يعرف كيف يصنع ويلحم مختلف القطع بحيث لاتكون الصورة المتركبة من هذه القطع في الفراغ أقل اختلاجاً بالحياة من صورة ترسمها أغصان الشجرة أو ترسمها قرون حشرة .

    وفي الفترة بين ۱۹۳۰ أو ١٩٣٤ يعمد غونزالز إلى صنع آثاره مستعيناً خاصة بالقضبان الرفيعة . ثم يجعل بعضها ثخينة ، ويزيد من انتصابها بحيث يضيف الحجم إلى الخط ، وينتج اعتباراً من ١٩٣٦ أقوى منحوتاته وأغناها بالتضاد . نذكر منها : المرأة ذات المرآة » حيث تبدو الأشكال الجانبية في تنوع معبر ومرونة مقبولة . وفي منحوتته ( الرجال - الصبير ) ( ١٩٣٩ - ١٩٤٠ ) فعلى العكس تقسو الأشكال ، وتنبت فيها النتوءات . ولا شك في أن ذلك قد كان انعكاساً لما كان في تلك الحقبة من الزمن من قسوة. وكان الحدث وقتها ، أي الحرب الأهلية في أسبانيا ، هو الذي أوحى أيضاً بمنحوتته مونسرا Monserrat ( ١٩٣٦ ) ، وهي تمثل فلاحة اسبانية تمسك المنجل بيدها اليمنى ، وتحمل طفلاً على يدها اليسرى. وأنها لصورة واقعية ( ولكنها واقعية مبسطة ) للفلاحة القوية المعتزة التي تجابه المصائب دون أن تتحطم بها .

    وقد أغري بيكاسو أيضاً بالنحت في الحديد المشغول فصنع حوالي ۱۹۲۹ - ۱۹۳۱ بالاشتراك مع غونزالز ( مجموعات ) و « رؤوسا » لا عجب مطلقاً أن نرى فيها حرية وتمكنا كبيرين .

    أما ( كالدر Calder ) فخلال اقامته الأولى في باريز في ١٩٢٦ ۱۹۲۷ بدأ يستعمل الأسلاك الحديدية ليرسم ( رسماً فراغياً ) شخوصاً صغيرة ( ووجوهاً ) واعتباراً من عام ۱۹۳۱ أخذ يصنع مركبات تجريدية ويجهزها بمحرك ليمدها بالحركة. ولم يلبث أن تخلى عن ( المحرك ) وترك للهواء أو الريح مهمة بث الحركة في مصنوعاته التي سماها المتحركات وهي مصنوعة من سوق من الفولاذ ، ومن صفائح من الحديد أو الألمنيوم تشبه في شكلها وترتيبها بعض لوحات ميرو الزيتية . ففيها توازن غير مستقر ، تكفي نسمة واحدة لزعزعته . وعلى كل حال ، فما هذه المنحوتات كلها إلا محاولات أولى في مجال يبرز فيه كالدر ولا سيما بعد الحرب ، فكرة المبدع ، وقوته العاطفية . وأنه في الحق فكر خلاق بما يصطفي من مواد وبما يبتكر لها . أشكال . فهو قريب جداً من الفكر المبدع الذي نشاهد الآن انتصاره في عالمنا المصنع الحاضر . إلا أن ثمة فناً أكثر أرتباطاً بهذا العالم المتصنع الحديث ألا وهو فن الأخوين بيفزنر و غابو Pevsner ct Gabo تحدثنا عنهما في معرض كلامنا عن الرسامين البنائيين الروس . وبعد أن أقام الأخوان عدة مرات في البلاد الغربية عادا إلى روسيا ، ، ولكنهما غادرا هذه البلاد عام ۱۹۲۲ ، فأقام بيفزنر نهائياً في بارير ، وأما غابو فسكن في برلين ، ثم في باريز ، ثم في لندن ، ومنها أم الولايات المتحدة عام ١٩٤٦ وأقام فيها نهائياً. ومفهومهما الأساسي واحد ، وهما يريدان عن عمد وتصميم أن يخلقا فناً يشارك في ميول هذا العصر الحاضر البناءة . ويكون بجميع ماله من مميزات ، فناً عصرياً ، بقدر منتجات مصانعنا . ولذلك فإن المواد التي يستعملانها هي جديدة كل الجدة . والأشكال التي يصنعانها نقية أكثر ما يمكن ، وعلاوة على ذلك ، فإن ترتيبهما للعمل الفني ترتيب دقيق جداً . وحتى عندما يصنعان رأساً أو جسماً بشرياً وغابو يصنع هذا حوالي عام ١٩١٦ ، وبفزنر حوالي عام ١٩٢٥ فهما لا يتصوران الرأس أو الجسم بغير مايتصور المهندس السيارة أو الطائرة .

    وهما يرفضان الحجوم المحسوسة المليئة ، ويعمدان إلى تجميع جوانب تقولب الفراغ وتموج النور. وكان غابو يكثر تدريجياً من استعمال الزجاج واللدائن والنايلون . وهو ينصب للضوء شراكاً تكاد تكون غير مادية ، فلا تمسك بالضوء إلا على الحوافي وعلى مايشبه شباك الخيوط العنكبوتية أما بفزنر فهو يؤثر المعدن ويجعل الضوء ينساب انسياباً على طول شبكة أسلاك البرونز الملحومة التي تحيي السطوح بخطوط وضاءة . وبعبارة أخرى ، فإن فنهما يمتاز من جهة بالانتظام ودقة التنفيذ المنتظم ، ومن جهة ثانية ، فإن هذا الفن يترك مجالاً لا للخيال فحسب ، بل لعنصري المفاجأة والغموض .


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-08-2023 01.18 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	6 
الحجم:	73.8 كيلوبايت 
الهوية:	143397 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-08-2023 01.19_1.jpg 
مشاهدات:	3 
الحجم:	75.3 كيلوبايت 
الهوية:	143398 ​​​​​​ اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-08-2023 01.19 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	3 
الحجم:	78.5 كيلوبايت 
الهوية:	143399 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-08-2023 01.20_1.jpg 
مشاهدات:	3 
الحجم:	62.8 كيلوبايت 
الهوية:	143400 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 08-08-2023 01.20 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	6 
الحجم:	74.8 كيلوبايت 
الهوية:	143401
يعمل...
X