ديفيد وارك غريفيث David Wark Griffith مخرج سينمائي أمريكي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ديفيد وارك غريفيث David Wark Griffith مخرج سينمائي أمريكي


    غريفيث (ديفيد وارك)

    Griffith (David Wark-) - Griffith (David Wark-)

    غريفيث (ديفيد وارك ـ)
    (1875ـ 1948)
    ديفيد وارك غريفيث David Wark Griffith مخرج سينمائي أمريكي، ولد في كنتاكي لأسرة فقيرة، وتوفي في هوليوود. حارب أبوه من أجل الجنوب في الحرب الأهلية الأمريكية. عمل غريفيث، في بداية حياته، ساعياً وموظف خزينة ومشرفاً على مسرح، ثم ممثلاً مسرحياً، حتى انتقل إلى العمل في السينما عام 1907 في استديوهات «إديسون» و«بيوغراف»، حيث كان يؤدي بعض المشاهد الثانوية، ويبتكر قصصاً للأفلام، وقد أعجبت شركة بيوغراف بأعماله فأسندت إليه مهمة إخراج أحد الأفلام، وهكذا صنع فيلمه الأول «مغامرات دولّي» عام 1908.
    أخرج غريفيث في بداية حياته الإبداعية بضع مئات من الأفلام القصيرة منها أفلام درامية وكوميدية وتاريخية، واقتباسات من أعمال تشارلز ديكنز، وجاك لندن، وإدغار آلن بو وغيرهم. بعد تركه استوديو بيوغراف انتقل إلى العمل في هوليوود لدى شركة «ميوتشويل». ومنذ عام 1915، عمل مع «ت. إينس»، و«م. سينيت»، وترأس شركة «تراينغل» حيث أنتج تحت إدارته ما يزيد على أربعين فيلماً. منذ عام 1919 بدأ يصنع أفلامه منتجاً مستقلاً لمصلحة شركة «يونايتد أرتيستس» التي أسسها بالاشتراك مع د. فيربانكس، و م. بيكفورد، وتشارلي تشابلن.
    بدأ يحيط بغريفيث مجموعة من الممثلين الشبان الذين راحوا يتعلمون منه مناهج وطرقاً جديدة في الأداء التمثيلي. وقد جاء فيلمه الروائي الطويل «مولد أمة» (1915) ـ المأخوذ عن رواية ت. ديكسون ذات النزعة العنصرية المباشرة التي وضعت لنفسها هدفاً صريحاً هو تمجيد منظمة كوكلوكس كلان الرجعية ـ حصيلة أولى لأبحاثه الإبداعية، ومع أن الفيلم كان أكثر تحفظاً ورصانة في طروحاته من الرواية، إلا أنه تعرض لنقد قاس من قبل الأوساط التقدمية والزنجية. وبغض النظر عن هذا، فإن الفيلم يعد مثالاً كلاسيكياً لتطور الحدث الدرامي بمساعدة الوسائل التعبيرية الجديدة، كتكوين اللقطة والمونتاج وتقانات التصوير، التي خضعت كلها للطريقة التي ترى السينما بها العالم.
    في عام 1916 أخرج غريفيث فيلمه الأشهر «التعصب» الذي يعد إحدى نقاط الانعطاف في تاريخ السينما العالمية، ويتطرق هذا الفيلم ذو الإنتاج الضخم والمكلف إلى مجموعة من الموضوعات الفلسفية والأخلاقية، ويجسد التعصب فيه الشر الذي يسمم حياة الناس والشعوب في كل الأزمنة. استخدم غريفيث لبناء دراما الفيلم عناصر قصصية من مصادر حكائية وأسطورية ومعاصرة مختلفة، ودمجها في نسيج واحد عبر وسائل وحلول فنية لم تكن مطروقة في زمنه، مما ميّز الفيلم وجعله تحفة فنية مبتكرة.
    تدور أحداث الفيلم في بابل القديمة، وفي أجواء العهد القديم، والعصور الوسطى، وفرنسا وأمريكا سنة 1910، أي في الزمن المعاصر للفيلم. أما وسيلة الربط الأساسية بين هذه الأزمنة والأمكنة المتباعدة، فهو المونتاج المتقاطع الذي حولها جميعاً إلى حدث متشابك ومتنام في إيقاع متصاعد. وتنبغي الإشارة إلى أن الحدث الواقعي المعاصر من الفيلم، سواء من حيث طبيعته الفنية، أو رسالته الفكرية، كان هو الأهم، وقد عرض لاحقاً فيلماً مستقلاً بعنوان «الأم والقانون». وقد اقتبس من حدث واقعي فحواه صراع دموي جرى بين صاحب أحد المصانع وعماله، وكانت ذروة القصة ذلك المشهد الذي تطلق فيه الشرطة النار على العمال المضربين.
    استهلك الفيلم ميزانية ضخمة، وأخفق في العروض الجماهيرية، مما اضطر غريفيث، الذي كان أحد مموليه، إلى أن يعمل لسنوات طويلة من أجل تعويض الخسارة، وكان أثر هذا جلياً على أعماله اللاحقة.
    بدأ غريفيث يميل أكثر فأكثر إلى التغني بحياة الريف الأمريكي ورفعها إلى مصاف المثالية من خلال ميلودراما عاطفية، ووضعها على طرفي نقيض مع ثقافة المدن. فالشخصية الأكثر نموذجية التي كانت تصادف في أفلامه هي شخصية الفتاة المعذبة التي لايدافع عنها أحد، والممثلة الأكثر نموذجية لديه كانت ليليان غيش التي جسدت تنويعات متعددة لهذه الشخصية.
    في فيلمه الشهير «الهروب المخفق» (1919)، (عن قصة للكاتب الإنكليزي ت. بورك) جسدت غيش شخصية فتاة في الخامسة عشرة من عمرها تتعرض لملاحقة أبيها الملاكم القاسي وضربه، فيحاول شحاذ صيني الدفاع عنها. وقد بنيت دراما الفيلم على أداء ثلاثة ممثلين، وتجلت مهارة غريفيث في العمل مع هؤلاء الممثلين الثلاثة، وفي نسج بيئة الحدث. وينبغي الإشارة إلى عمل المصور البارع ب. بيتسر الذي يدين غريفيث له بالنجاح في العديد من أفلامه.
    من أبرز الأفلام التي نفذها غريفيث في تلك المرحلة، أي في نهاية العقد الثاني وبداية العقد الثالث من القرن العشرين: «قلب العالم» (1918)، و«حب في الوادي السعيد» و«القلب الوفي» و«سوزي» (1919)، و«شارع الأحلام» (1921) وغيرها. تميز منها مـن الناحيتين الفنية والحرفية فيلم «الطريـق إلى الشرق» (1920). منذ بداية العشرينات من القرن العشرين بدأ إبداع غريفيث يتضاءل ويبتعد عن النزعة الواقعية التي اتسم بها، وبدأ الألق الذي ميز أفلامه السابقة يخبو تدريجياً. من أبرز أفلام تلك المرحلة فيلمه الميلودرامي المستمد مـن أحداث الثورة الفرنسية «أيتام العاصفة» (1921)، والفيلم التاريخي «أمـريكا» (1924)، وفيلم «أليست الحياة رائعة؟» (1924)، وقد حاول فيه تصوير واقع ألمانيا اليومي بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.
    حاول غريفيث ولعدة سنوات لاحقة أن يستعيد بعضاً من المجد الذي اكتسبه فيما مضى، وأخرج أفلاماً تنتمي إلى وقائع فنية مختلفة مثـل: «حـزن الشيطان» (1926)، و«أبراهام لينكولن» (1930)، و«المعركة» (1931)، وتوقف بعد ذلك عن ممارسة أي نشاط سينمائي. وفي عام 1935 نال جائزة الأوسكار[ر] عن مجمل إبداعه السينمائي.
    تكمن أهمية ما قدمه غريفيث للسينما في فهمه المبتكر والمتميز لدور المخرج بوصفه صانعاً عملاً فنياً ذا وحدة مستقلة ومترابطة. ويُلاحظ، في كل عمل من أعماله تقريباً، جهدٌ كبيرٌ مبذولٌ لحل هذه الطائفة أو تلك من المشكلات التقنية والجمالية التي تصادفه. في عام 1922 سجل براءة اختراع لأسلوب مستحدث في الخدع السينمائية، كذلك ترك أثراً مهماً وأساسياً في وضع مبادئ التمثيل السينمائي. وقد تتلمذ على يديه طائفة من ألمع الممثلين مثل: الأختان دوروثي، وليليان غيش، وماي مارش، وروبرت هارون، وريتشارد بارتيلميس، وكارول ديمبستر، وماري بيكفورد، وغيرهم. وقد غدا عدد من تلاميذه لاحقاً مخرجين بارزين مثل: تود براونينغ، وج. كونوي، وف. فليمينغ، ور. وولش، وم. سينيت، وإي. فون شتروهايم، ودونالد كريسب وغيرهم.
    أسهم غريفيث بقسط وافر في تطوير الفن السينمائي على صعيد العالم كله، وذلك باستخدامه طرقاً وأساليب سينمائية لم تكن معروفة في عصره مثل: اللقطة الكبيرة، والمونتاج المتوازي، واللقطات البانورامية الواسعة وغيرها، وسعيه إلى أن يكون الفيلم منظومة فنية موحدة ومتكاملة. وقد أعاد النظر في عدد من تقنيات التصوير وطرقه، واكتشف إمكانات هائلة لآلة التصوير، ودورها في صنع اللقطة السينمائية وبنائها.
    ترك إبداع غريفيث أثراً كبيراً في التطور اللاحق للفن السينمائي. وقد ساعدت ابتكاراته في هذا المجال كبار مخرجي السينما العالمية على تطوير طرق جديدة للارتقاء بفن السينما.
    مايزال الاهتمام بفن هذا المخرج الكبير وإنجازاته حياً على صعيد العالم كله، وهو يُدّرس في أغلب المعاهد والكليات السينمائية، وقد أُسست جمعيات خاصة للمهتمين بفن غريفيث.
    محمود عبد الواحد
يعمل...
X