كارافاجيو (ميكلانجلو ميريزي معروف ب)فنان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كارافاجيو (ميكلانجلو ميريزي معروف ب)فنان

    كارافاجيو (ميكلانجلو ميريزي معروف ب) Caravaggio (Michelangelo Merisi known as-) - Caravaggio (Michelangelo Merisi connu comme-)
    كاراڤاجيو (ميكلانجلو ميريزي المعروف بـ ـ)

    (1571 ـ 1610)



    ولد ميكلانجلو ميريزي Michelangelo Merisi في منطقة كاراڤاجيو في لومبارديا Lombardia، ومن هذه المدينة حمل اسمه المشهور به كاراڤاجيو Caravaggio.

    يصعب التوسع في حياة هذا الفنان الشخصية التي كانت حافلة بالشغب، مما عرضه إلى السجن في العام 1605، ولم يكد يخرج من السجن حتى تشاجر مع شخص، فلاحقته الشرطة مما دفعه إلى اللجوء إلى مدينة جنوى.

    على أن هذه الحياة الصاخبة لم تمنعه من إنجاز روائع الأعمال التصويرية. ومن الممكن تقسيم مراحل نشاطه الفني إلى أربع مراحل.

    المرحلة الأولى كانت في مدينة ميلانو Milano حيث درس الفن هناك على يد سيمون بيتاتسو S.Petazzo. وكانت المرحلة الثانية في مدينة روما منذ العام 1591. أما المرحلة الثالثة فقد بدأت منذ العام 1606 حيث رسم عدداً كبيراً من اللوحات بطلب من الكنيسة أو من صانعي اللوحات. وفي المرحلة الأخيرة التي انتهت بوفاته، تنقل بين نابولي Napoli وجزيرتي مالطة Malte وصقلية Sicile، وفي أثنائها تطور إنتاجه الفني بصورة جيدة، وتكونت طريقته التي أصبحت منطلقاً فنياً للفنانين الذين استهوتهم، وأطلقوا عليها الطريقة الكارافجيوزية Caravagisme؛ وهي تقوم على أساسين، الزمن والمدى، وكانت مواضوعاتها شعبية، وأسلوبها واقعي تعبيري.


    كارافاجيو: «سلة فواكه» (1595)




    كارافاجيو: «الدفن» (1604)

    أحدث كاراڤاجيو الثوري بطبيعته ثورة فنية، وكانت لوحته «مادونا الجحيم» (1604) اللوحة الأكثر تعبيراً عن هذه الثورية التي تجلت بالتضاد الضوئي والموضوعي، ففي حين كانت العذراء ممثلة على شكل سيدة أنيقة من روما وحولها الرياش والقصر ذو الجدار الآجري الأنيق تحاول الدخول من بابه الفخم، يُرى -مناقضاً لهذا المشهد الأرستقراطي- مشهد الفلاحين المؤمنين وقد تهافتوا للصلاة أمام العذراء.

    في لوحاته الأخرى كان يؤكد دائماً أن الطبقة الشعبية لعلها أكثر إيماناً وأكثر صدقاً في صلاتها وفي تقديسها للمسيح والعذراء، ويبدو ذلك واضحاً في لوحته الجدارية «الإنزال عن الصليب» التي أنجزت للكنيسة الباباوية، وقد فرضت تحولاً بارزاً، أدى إلى إطلاق الشعب على هذه الكنيسة اسم «الكنيسة الجديدة» تعبيراً عن التجديد الذي قدمه كاراڤاجيو في لوحته هذه معبراً عن العذاب، وليس عن الترف.

    كانت أعمال كاراڤاجيو الأولى صغيرة الحجم، ذات موضوعات شخصية، ومثالها صورة الكاردينال دل مونته del Monte. ثم انتقل إلى موضوعات جديدة لم تكن مألوفة، هي موضوعات الطبيعة الصامتة Nature morte، وكان أولها لوحته «سلة الفواكه» 1595.

    وعندما ابتدأت طلبات الكنائس إليه لتصوير الجدران بالفريسك، كانت الموضوعات دينية حول حياة السيد المسيح. ومن أشهر لوحاته «الإلهام الرباني» La Vocation وفي مقدمتها موت القديس ماتيو.

    وفي أعماله ابتدأ تأكيد التظليل القوي والقائم على العتمة القوية والضوء الذي يسقط على عناصر موضوعه جانبياً. ولقد سعى في موضوعاته الدينية للتعبير عن العمق الروحي، والتركيز على البعد الداخلي المتمثل بالعتمة الضوئية في لوحاته، مما يجسم الأشكال ولاسيما الأجسام الحية من إنسان أو حيوان. وأطلق على هذه التقنية Chiaroscuro. ومن أشهر لوحاته التي تجلت فيها هذه الطريقة التعبيرية عن طريق الظل والنور، لوحة اهتداء شاؤول اليهودي؛ الذي أصبح القديس بولس المسيحي في مدينة دمشق كما يذكر الإنجيل؛ ويطلق عليها «اهتداء القديس بولس».

    لم يكن كاراڤاجيو راضياً عن مبادئ فن عصر النهضة، تلك المبادئ التي راعت الرغبات الأرستقراطية من الملوك والأمراء والباباوات. وكان ثمة ثورة شعبية قمعت بقسوة، أرادت أن يكون للشعب مكانه في المجتمع، وقد فهم الفنانون أهمية الشعب وخاصة كاراڤاجيو الذي كان من طبقة الشعب، وكان والده عاملاً بسيطاً، فأراد أن يعبر من خلال أعماله ـ حتى الدينية منها ـ عن البيئة الشعبية التي جرت فيها القصص الدينية.

    بدافع هذه النزعة الثورية الكامنة في نفسه والمستقرة في مبدئه الحياتي؛ قدم كاراڤاجيو أعمالاً جدارية ضخمة، بسيطة بموضوعاتها، متقشفة في ملامح البيئة الاجتماعية التي يصورها، ولكنها تتميز بإحساسٍ عالٍ في تصوير الواقع، مستفيداً من تقنيته التي أكدها في توضيح الفارق بين النور والعتمة، مما جعل مفردات صوره أوضح حجماً؛ وكأنها نحت بارز. يبدو ذلك واضحاً في جميع أعماله، ولاسيما لوحة «قديس الفرنسيين لويس» الموجودة في كنيسة كونتاريللي Contarelliء(1600)، إضافة إلى لوحات جدارية أخرى في كنيسة ماريا دل بوبولو، وفي كنيسة مادونا الحجيج.

    انتقد كاراڤاجيو فن عصر النهضة؛ لأنه قام على التعاطي مع سلم الأشكال؛ وليس مع سلم القيم، كما يقول رونيه هويغ René Huyghe. وكان شديد الاهتمام بإثارة انتباه المتلقي إلى عمله عن طريق التظليل القوي؛ راغباً في إحداث الصدمة المعنوية والمادية لدى مشاهديه.

    ومع أنه كان ميالاً في شبابه إلى التحدي والإصلاح الذي يتجاوز إصلاح لوثر[ر] M.Luther، فإنه انصرف بعد ذلك إلى الموضوعات الدينية الإنجيلية؛ مصوراً دينياً يحاول استرجاع الأحداث والذكريات المقدسة، إرضاء للذوق العام. ففي لوحته الشهيرة «اهتداء شاؤول أو القديس بولس» صوّر كاراڤاجيو حصاناً عادياً ليس من فصيلة خيول السادة المطهمة، بل حصاناً متحركاً بنزق وحوله القديس بولس، وبدا الضوء منعكساً بشدة على ظهر الحصان الذي ملأ حضوره اللوحة؛ معبراً عن علاقة الحدث بسلوك تاريخي أكثر منه دينياً متعلقاً بالرب. وتمثلت المفارقة الضوئية الطاغية بوضوح على هذه اللوحة التي تفتخر بها كنيسة سانتا ماريا دل بوبولو في روما.

    لم تقتصر أعمال كاراڤاجيو على اللوحات الجدارية بل امتدت إلى اللوحات النسيجية Tapisserie، مثل لوحته «حريق القديسة لوسي».

    وإذا كانت الكاراڤاجيوزية مناهضة لعصر النهضة؛ فإنها لم تكن منطوية تحت تيار التكلفية maniérisme على الرغم من أن هذه الطريقة كانت مخالفة لجميع مبادئ فن عصر النهضة، وأنها ظهرت أيضاً في توسكانيا Toscane، وتقوم على دراسة الشكل والمساحة، اللون والضوء؛ لإبراز التعبير الموضوعي، لذلك فإن بعض المؤرخين يرون في الكاراڤاجيوزية بداية لفن التكلفية. وقد امتدت هذه الطريقة ثلاثين سنة قائمة على الشكل والعتمة، وفقدت جاذبيتها بعد العام 1620.

    ولابد من الاعتراف بأن طريقة كاراڤاجيو كانت عصية على الاتباع الصحيح من قبل مقلديه، ولم يصل أحدهم إلى مستوى المعلم الذي ترك أعمالاً كثيرة. كان لا بد من التعمق بدراستها، مع أن أكثرها لم يكن يحمل توقيعه.

    ومع ذلك فمن أبرز أتباع هذا الاتجاه الذي انتشر في جميع أنحاء أوربا المصور الإسباني ريبيرا Ribera[ر] الذي نقل الكاراڤاجيوزية إلى إسبانيا. ومن ممثلي هذه الطريقة المصور الإسباني بورجياني Borgianni. وفي إيطاليا كان جنتيلسكي O.Gentileschi ء(1563ـ1644) بلوحته «ضحايا فاليران»، ومانفردي Manfredi ء(1580ـ1620) في لوحته «المغامرة السعيدة»، وسيروديني Serodini ء(1600ـ1630) ومن أعماله لوحة «القديس بطرس سجيناً».

    في العام 1610 توفي ميكلانجلو ميريزي بعد إصابته بالحمى، عقب اعتقاله خطأ. ودفن في مقبرة بورت إيركولي في توسكانيا، تاركاً آثاره الرائعة في أضخم الكنائس الإيطالية إذا كانت جدارية، ولدى هواة التصوير لوحات زيتية رائعة، عدا غيرها موزعة في المتاحف الأوربية.

    عفيف البهنسي
يعمل...
X