قصة قصيرة أنا ذهب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة قصيرة أنا ذهب

    قصة قصيرة أنا ذهب

    عندما أفقت ووعيت وكأني كنت نائم تحت سطح الماء دون أن أعي ودون أن أدري ثم صحوت فطفوت وأصبحت فوق سطح الماء متعباً متألماً ساكناً دون قدرة على فعل شيء جدي مني لتغيير حالي الذي صحوت فوجدت نفسي فيه .

    عندما صحوت ووعيت ما أنا فيه ، وما هو حولي ؛ ووجدته ماراً قريباً ؛ كان فعلا قد ذهب وتركني أعدو خلفه ؛ لا لألحق به فأنا لم أعرف فعلا أين قد ذهب أنا ؟؟ ؛ ما أدركته عندما أفقت هو أنني بقايا منه ؛ تركني كأثر يدل فقط على أنه كان هنا ؛ وقد جعلني أتصرف على نحو ما فعل ؛ فأنا أبدو حاضراً قليلاً وإن كنت أبدو بالفعل قد ذهبت والباقي مني ؛ بقايا ما ترك أنا ؛ وما تركت أنا !! .

    لم أجد أحداً مهتماً اهتماماً جدياً بي وأنا في المرحلة الأولى من وعيي مابين الطفو والإفاقة والبقاء في وعي غير تام فوق سطح الحياة ،، فقلت للا أحد وبدون أنا أنتظر اهتمام مات :

    - " معذرة إن كنت أبدو هنا ولا أرد على أحد ؛ فأنا فعلا قد ذهبت ؛ وما تبقى مني إلا بعض الضل بعد أن أحدثه الضوء بساعات ؛ وقد غابت فعلا الشمس ولا ضوء الآن على الإطلاق والظلام دامس ؛ وحقيقة فليس ليٌ ضل وليس ليّ أنا " .

    "شكراً للذين جعلوا دموعنا سهلة الإدرار بعد عسر البكاء وشح الدموع وكثافة غيم الأحزان دون بكاء ، وقد أعانوننا على تكوين بحيرة الحزن المملوءة بدموع البكاء الذي سح من داخلنا بعد سنوات من توقفنا عن إنجاب الدموع من قلوبنا ، وقد تعاظم البكاء حتى صنع بحيرته ؛ لتجعل من نفسها عازلا يفصل بيننا وبينهم ، حيث صار وجودهم في حياتنا يعمينا عن أن نكشف الأحزان التي توالي الإنكار ؛ وتستمر في تدميرنا في خفية من إدركنا لما تحدثه فينا من تدمير " .

    لما أفقت تماماً ؛ سمعتهم يقولون وأنا أنزل من حافلة الباص ، وأنا أنزل من فوق " الترولي" الذين يضعون فوقه المرضى حين يأتون بهم من حجرة العمليات ، إلى حجرة الإفاقة والانعاش ، لتحدث الإفاقة الاعتيادية والوعي بالوجود الذي نحيا فيه :

    - " كانت إغماءة سكر غير عميقة وقد مرت في هدوء ، ولكن انقاذك تم صدفة ، فستبقى تحت الملاحظة والرعاية الطبية لفترة طويلة وحياتك سوف تكون مقيدة بإجراءات طبية صارمة ، وكذلك نظامك الغذائي ولا عمل مجهد أو انفعال عصبي على الاطلاق " .

    بكيت على نفسي قليلا ؛ واسترخيت في إغماء جديد ؛ أذهب فيه للبحث عني أنا ؛ أنا السابق الذي مضى وتركني وحدي دونه ؛ وقد صار عليٌ أن أجد في البحث عني لعلي قد أجدني ، أو أجد أنا الذي كان !! .

    محمد الصباغ
يعمل...
X