المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة

    متلازمه تنفسيه حاده شديده

    SARS (Severe Acute Respiratory Syndrome) - SRAS (syndrome respiratoire aigu sévère)

    المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة

    المتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (سارس)severe acute respiratory syndrome (SARS) مرض تنفسي فيروسي جديد مرعب ومميت، سجلت أولى حالاته في مقاطعة غوانغ دونغ في جنوبي الصين في 16 تشرين الثاني/نوڤمبر 2002، وتم تمييزه مرضاً مهدداً للحياة على المستوى العالمي في آذار/مارس 2003 بشكل متلازمة رئوية حادة معنَّدة، سجل منها أكثر من 3400 حالة مرضية منذ ذلك الحين فيما لا يقل عن 22 دولة في العالم ولاقى 165 شخصاً حتفهم، كان معظمهم من الصين وهونغ كونغ.
    العامل المسبب
    نُشرت عدة أبحاث في نيسان/إبريل 2003 تشير إلى أن فيروساً جديداً من الفيروسات التاجية coronavirus هو العامل المسبب لهذه المتلازمة، وأظهر اختبار التفاعل التسلسلي للبوليمراز polymerase chain reaction (PCR) الخاص بالفيروس الجديد دليلاً قاطعاً على وجود خمج السارس في 45 من أصل 50 من مرضى السارس، في حين لم يظهر دليل ما على ذلك في نماذج الشهود.
    وقد أظهر الفحص بالمجهر الإلكتروني الملامح البنيوية المميزة للفيروسات التاجية إضافة إلى إظهار تراكيز عالية من الرنا RNA الفيروسي في قشع المصابين، ثم جاء التأكيد من الباحثين في كندا عن أول نجاح في الكشف عن التسلسل الجيني (المجين) genome للفيروسات التاجية المسؤولة عن هذه المتلازمة، وللتأكد من أن الفيروس الجديد هو فعلاً المسؤول عن المرض قام علماء هولنديون بحقن القردة بالعامل الممرض فظهرت أعراض مماثلة للذين سبق أن أصيبوا بها؛ مما قدم دليلاً قوياً على أن هذا العامل الممرض هو المسبب لهذه المتلازمة.
    وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن هذا العامل الجديد من فئة الفيروسات التاجية ـ الذي لم يسبق أن شوهد عند البشر ـ هو العامل المسبب لمرض الـ SARS وأطلق عليه اصطلاحاً اسم: الفيروس التاجي المرافق للسارس CoV- SARS.
    العدوى والانتقال
    أشارت الدراسات إلى أن مرض السارس قابل للانتقال على نحو كافٍ لإحداث وباء كبير إذا لم تتم معالجته وحصره، إلا أنه يمكن السيطرة عليه في حال اتخاذ الإجراءات الصحية العامة الأساسية الجيدة.
    وتتم عدوى الإنسان بتماس الحيوانات الحاملة أو المصابة أو أكل لحومها، وقد كُشفت الفيروسات التاجية في حيوان سنور الزباد pagumalarvata، ولوحظ حدوث أمراض تنفسية ومعوية وعصبية ذات فوعة شديدة إضافة إلى التهاب الكبد في هذه الحيوانات.
    وقد تنتقل العدوى من شخص لآخر عن طريق الرذاذ في القطيرات التنفسية وبالأيدي الملوثة والأدوات، أما الانتقال عن طريق البراز والهواء فنادر الحدوث ولكنه ممكن وبشكل مشابه للأمراض الخمجية الأخرى، ويتعلق هذا بحجم الجرعة وعدد الجزيئات المنتقلة والمسافة التي تفصل المريض عن الآخرين. وقد تبين أن مصل هذه الحيوانات يثبط نمو فيروس السارس المستفردة من الإنسان والعكس صحيح. وبدراسة التسلسل الجيني أو الوراثي للفيروسات المستفردة من هذه الحيوانات تبين أنها تتطابق مع فيروس السارس الذي يصيب الإنسان تمام المطابقة.
    يباع سنور الزباد في الأسواق الصينية، وهي تتوالد في الغابات حيث يتم اصطيادها ونقلها إلى المزارع، ومن الممكن أنها اكتسبت هذا الفيروس من حيوانات برية أخرى لكن هذه الفرضية تحتاج إلى مزيد من البحوث. ويبقى السؤال هل هناك حملة أصحاء للفيروس؟ وإذا كان الأمر كذلك هل يطرحون الفيروسات بكميات وتراكيز كافية لإحداث الخمج؟ وهل هناك مستودعات بيئية لفيروس السارس التاجي من مواد غذائية أو مياه ولاسيما مياه المجاري؟ هذا وإن استمرار طرح المريض للفيروس عبر الجهاز التنفسي أو البراز يستدعي إبقاءه معزولاً مدة 14 يوماً على الأقل في حجز منزلي بعد خروجه من المستشفى.
    الأعراض وطرق التشخيص
    تظهر الأعراض في البداية شبيهة بالنزلة الوافدة (الأنفلونزا) إذ يحدث ترفع حروري يترافق أحياناً بعرواءات مع وهن عضلي وآلام جسدية معممة مع ألم في الرأس إضافة إلى التهاب بلعوم مؤلم وسعال جاف. كما تحدث زلة تنفسية وصعوبة في التنفس. وقد يعاني بعض المرضى إسهالاً بنسبة 10ـ20%، يتبع ذلك بعد 2ـ7 أيام التهاب رئوي حاد وأزمة تنفسية شديدة تتظاهر بنقص أكسجة ملحوظ يستدعي وضع المريض على جهاز التنفس الصناعي وقد يعقب ذلك الموت.
    أما الموجودات المخبرية فتتضمن نقص الكريات البيض وقلة الصفيحات مع نقص شوارد الصوديوم والبوتاسيوم وارتفاع الخميرة النازعة للهدروجين اللبنيةL.D.H كما يرتفع الكرياتين.
    وقد عرفت منظمة الصحة العالمية الحالات المشتبهة suspected cases بأنها حالة مرضية في شخص يعاني حمى (حرارة فوق 38 ْ) مع أعراض التهاب في المجاري التنفسية السفلية وقصة تماس مع شخص مصاب بالسارس SARS، أو سفره إلى منطقة موبوءة سجل فيها انتشار المرض، أو إقامته فيها. أما الحالات المحتملة probable cases فهي الحالات المشتبهة التي تتوافر فيها الأمور الآتية:
    ـ علامات ذات رئة في صورة الصدر الشعاعية.
    ـ متلازمة عسر تنفس حاد ARDS.
    ـ مرض تنفسي غير مفسر أدى إلى الوفاة مع نتائج تشريح الجثة تتماشى مع إمراضية عسر تنفس حاد من دون معرفة السبب، وتستبعد الحالة إذا أمكن وضع تشخيص آخر يفسر الإصابة تفسيراً كاملاً.
    هذا وقد أضافت مراكز التحكم بالأمراض الوبائية والوقاية منها معايير مخبرية لإثبات الإصابة بخمج فيروس السارس التاجي إذا تحقق أحد الأمور الآتية:
    ـ الكشف عن أضداد فيروس السارس التاجي في نماذج المصل والإفرازات الأنفية، أو الكشف عن رنا RNA الفيروس التاجي باستخدام التفاعل التسلسلي للبوليمراز الذي يتم تأكيده باختبار آخر من اختبارات PCR باستخدام نموذج ثانٍ، أو استفراد فيروس السارس التاجي.
    ـ استفراد الفيروس virus isolation وذلك بنموه في الزجاج عن طريق زرع نماذج من المرضى في مزارع خلوية مناسبة (خلايا فيرو Vero cells)، وتشمل هذه النماذج الإفرازات التنفسية أو الدم أو البراز، وعندما يتم الاستفراد يجب التأكد من أنها فيروس السارس التاجي وذلك باستخدام اختبارات إضافية.
    ـ إجراء اختبار المقايسة المناعية الأنزيمية (ELISA) وذلك بكشف الأضداد من نمط IgG و IgM في مصل مرضى السارس. وتكون النتائج إيجابية منذ قرابة اليوم 21 من بدء المرض.
    ـ اختبار التألق المناعي (IFA): ويتطلب هذا الاختبار استخدام خلايا مخموجة بالفيروس التاجي للسارس مثبتة على شريحة مجهرية يتم فيها ارتباط أضداد المريض بالمستضد الفيروسي.
    الإنذار
    جاء في تقرير لمنظمة الصحة العالمية صدر عام 2004 أن مجموع الذين أصيبوا بوباء السارس نحو 8098 شخصاً في العالم وكانت نسبة الوفيات وسطياً 9.6% مع وجود اختلاف بين المناطق الجغرافية المختلفة. تتأثر معدلات الوفيات بعوامل أخرى تتعلق بالمريض مثل الاستعداد الوراثي والحالة المناعية والأمراض الموجودة سابقاً.
    واعتماداً على نتائج المعالجة يمكن القول إن السارس ليس مرضاً عالي الوفيات في صغار السن. وعلى الرغم من أن نسبة كبيرة من المرضى تتطلب فترة من التهوية الآلية فمن الممكن المحافظة على نسبة وفيات منخفضة باستخدام التدابير والطرائق العلاجية الملائمة.
    المعالجة
    لايوجد حتى اليوم إجماع على المعايير المعتمدة للمعالجة على الرغم من التطوير المستمر على معالجة فيروس السارس. وتتضمن المداخلات العلاجية: الصادات واسعة الطيف، والمعالجة الداعمة إضافة إلى الأدوية المضادة للفيروسات، والمعالجة المعدلة للمناعة وكذلك التهوية الآلية بنوعيها الغازية invasive وغير الغازية non-invasive حين حدوث قصور تنفسي.
    تعطى الصادات منوالياً لأن الأعراض الأولى غير نوعية، والاختبارات المخبرية السريعة غير متوافرة؛ لذا يتم تطبيق الصادات على مبدأ الاحتمال empirical حسب التعليمات الخاصة بمعالجة ذات الرئة المكتسبة في المجتمع أو المستشفيات. ويمكن إيقاف هذه المعالجة حين يتم التأكد من نفي العوامل الممرضة الأخرى أو تأكيد تشخيص السارس. والصادات المفضلة هي فئة الكينولونات quinolons والماكروليدات macrolides إلا أن تأثيرها في السارس غير مؤكد. أما المعالجة المضادة للفيروسات antiviral therapy فقد وصف العديد منها تجريبياً واستمر استخدامها على الرغم من عدم توفر دليل على فعاليتها ومنها الريبافيرين ribavirin ومثبطات النورامينيداز neuraminidase inhibitor ومثبطات البروتيازprotease inhibitor، وقد أظهرت النتائج الأولية أن تطبيق هذا العقار مع الريبافيرين والستيروئيدات القشرية قد ينقص معدلات الوفيات فيما إذا طبق في وقت مبكر. وقد تبين أن استخدام الانترفيرون B يتمتع بفعالية أكبر، وأنه يبشر بالأمل. كما أن استخدام الغلوبولينات المناعية البشرية human immunoglobulins يحد من ارتفاع الفوعية الفيروسية واستخدامها يوحي بوجود بعض الفوائد السريرية.
    أما تطبيق المعالجة المعدلة للمناعة في مرحلة فرط المناعة فيعد جزءاً مهماً في معالجة السارس، ويتضمن الستيروئيدات القشرية corticosteroids التي تعد معالجة أساسية في السارس، إذ يؤدي استخدامها في الوقت المناسب إلى تحسن مبكر يظهر بتراجع الحمى وزوال الارتشاحات الرئوية الشعاعية وتحسن الأكسجة الدموية، ولكن اختلفت الدراسات بشأن جدواها.
    التهوية الآلية
    تشير الدراسات إلى أن 20ـ30% من حالات السارس استدعت دخول المرضى إلى وحدات العناية المشددة، وأن 10ـ 20% منهم احتاج إلى التنبيب والتهوية الآلية سواء منها الغازية أو غير الغازية التي يمكن أن تحسن حالتهم مع أخذ الاحتياطات اللازمة.
    الوقاية
    السارس شأنه شأن الأمراض الفيروسية الأخرى كالنزلة الوافدة أو الحصبة الألمانية من الأمراض القابلة للانتشار.
    هذا وإن اتخاذ مجموعة من إجراءات التحكم والسيطرة على المرض قد تكون فاعلة في كبحه وتتضمن هذه الإجراءات: التقليل الفاعل من التماس والاحتكاك بين المصابين والآخرين، والحجر الصحي للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة. والطريق الأكثر فعالية للسيطرة على الأمراض الفيروسية الجديدة كالسارس تكمن في كسر سلسلة الانتقال من الأشخاص المخموجين إلى الأشخاص الأصحاء عن طريق التماس القريب وجهاً لوجه مع القطيرات الخمجية المنتقلة بالعطاس أو السعال. ويتم كسر حلقة الانتقال باتخاذ الإجراءات الآتية:
    ـ كشف الحالات بأسرع ما يمكن.
    ـ ضمان العزل الفوري في أماكن مناسبة معدة خصيصاً لهذا الغرض والتحكم بالخمج تحكماً صارماً.
    ـ القيام بأعمال التقصي لمعرفة الملامسين للحالة والعناية التامة بهم بإجراء فحص يومي مع حجر إرادي في المنزل.
    أما استخدام اللقاحات فلا يوجد في الوقت الراهن لقاح فعال متاح، إلا أن توافُر لقاحات ضد الفيروسات التاجية الحيوانية أمر مشجع ومبشر.
    هذا وقد كان لمنظمة الصحة العالمية فضل في منع تفشي وباء السارس بعد صدور الإنذار العالمي، ونصح جميع الأشخاص والمسافرين إلى المناطق الموبوءة أن يتخذوا الحذرـ عند ظهور أعراض ـ مدة عشرة أيام بعد عودتهم إلى بلادهم.
    أما الإجراءات الوطنية حين حدوث إصابات فعلى الدول المصابة بوباء السارس اتخاذ الإجراءات الآتية: إيجاد مركز إدارة عمليات للطوارئ، وتخصيص مستشفى أو أكثر لاستقبال المصابين، وإقامة إجراءات حجر صحي فاعلة، والمصادقة السريعة على القوانين التشريعية المتصلة بذلك.
    وللحد من تأثير المرض يجب اتباع التعليمات الآتية:
    ـ ضرورة مراجعة الأشخاص الذين يعانون مرضاً خمجياً المراكز المخصصة للمعالجة من قبل السلطات والابتعاد عن الأماكن العامة.
    ـ الالتزام بالحجر الصحي المنزلي وعدم مخالفته تحت طائلة الحجز الإجباري.
    ـ إيجاد مكان للحجر الصحي في كل منطقة ملوثة، وإزالة أي مصدر مشتبه للخمج.
    الإجراءات الوقائية
    ارتداء المرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية كمامات منذ ظهور الأعراض وتطورها، والقيام بالتطهير اليومي في نهاية العمل مع الغسيل الجيد، وتعقيم الأسرة والطاولات والأرض والأجهزة بمحلول الهيبوكلوريت، واستعمال نظام مص المفرزات في المرضى المنببين، وغسل الأيدي واستعمال القفازات ثم إتلافها.
    محمود نديم مميز
يعمل...
X